النشوز لُغة الارتفاع والترفُّع والعلو. واصطلاحا: معصية المرأة زوجها فيما فُرض عليها من طاعته.

ونحن المسلمين خاضعين للوحي الذي جاء في كتاب الله وسُنة رسوله ، وقد بين الوحي طبيعة العلاقة بين الرجل وامرأته توضيحا باتّا في قوله تعالى:

(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ

فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ

وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)

وكل كلام العلماء من أول ابن عباس وحتى يومنا هذا مجمعون على أن قوامة الرجل تعني أنه «هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت»،

وهذا النص بتمامه من المحدّث العلامة ابن كثير، وهو لم يخرج عما قاله أئمة التفسير من قبله لا سيما ابن عباس رضي الله عنهما وتلامذته.

والأصل في البيوت أنها تقوم على المودّة والرحمة والتفاهم والحُب والإخلاص والإحسان، ولذلك نفهم من لفظة «نشوزهن» الاستثناء؛

فهي تعني المرأة المتعالية المترافعة المتكبرة المحتقرة لزوجها، وهذا لا يحدث في كل البيوت، وإن حدث،

فالوحي أوضح طرق العلاج ودرجاته، وهي الوعظُ وتذكيرها بتقوى الله،

ثم الهجر في المضاجع بعدم الكلام أو الجماع، ثم الضرب غير المبرّح.

والضرب نفسه فسّره النبي في أحاديث صحيحة كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي :

أنه قال في حجة الوداع:

«واتقوا الله في النساء، فإنهن عندكم عَوان، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه،

فإن فعلنَ فاضربوهن ضربا غير مبرِّح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف».

والضرب غير المبرّح لا يشمل التحقير ولا الوجه،

ولكنه في الوقت نفسه حق أصيل للرجل كي يواجه به زوجته الناشز،

التي تتكبر عليه، ولا تسمع كلامه، ولا تحترم رأيه، ولا تخضع له، ومقصوده فقط التأديب وطلب الاستقامة لا الانتقام والإهانة والاحتقار،

بل إن بعض الصحابة من الأنصار فعله وضرب زوجته،

ولما جاءت الزوجة تشتكي رسول الله همَّ أن يقوم بالقصاص، فجاء الوحي على رسول الله:

 ﴿وَلا تَعْجَلْ بِالْقرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾ [سورة طه: ١١٤] ،

ثم نزلت: {الرجالُ قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضَهم على بعض}

والرواية عند الإمام الطبري في تفسيره.

المعترضات على ضرب المرأة الناشز

فالمعترضات على «ضرب المرأة الناشز ضربا غير مبرِّح» ممن يدعون إلى تجاهل هذه الآية أو أنها تقييد لمباح،

أو أنها صالحة لعصر دون آخر لم تقرأ تفسيرا واحدا فيما أرى، أو لم ترجع إلى إجماع العلماء في هذه المسألة تحديدا،

أو تحكم في المسألة بالهوى؛ إذ المباح هو ما دلّت عليه الآية والحديث النبوي لا العكس،

وهذه الرخصة الذي عيّنها هو ربّنا وروسولنا لا نحن معاشر الرجال، وتجاهلها إنما هو تجاهل للوحي قولا واحدا.

ولقد أثبت الواقع من خلال التجارب العديدة أن هناك نواشز لا يصلحهن إلا الضرب غير المبرّح،

ومع ذلك فنعود ونكرر أن الضرب غير المبرّح هو الخطوة الثالثة في سلم تقويم المرأة الناشز

-الناشز وليست المرأة الكريمة الأصيلة بنت الأصول-

فالكريمات المتخاصمات مع أزواجهن يأتين غالبا بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، وبالتفاهم، وتذكر أيام الود والعشرة الكريمة.

فعلى من يخوض في مثل هذه المسائل بهواه أو باختيار الآراء الشاذّة أن يتقي الله،

وليعلم أنه وحي منزّل من السماء، كلام قاله الله جل في علاه، ورسولنا المكرم، ولم يتواطأ عليه الرجال، وأنه نور وهدى ورحمة،

وأن الذي أنزله يعلمُ ما يصلح النفوس وما يقومها.

وليس يعني هذا أن يستغل طوائف من الرجال هذه الرخصة فيمعنون في الإهانة والاحتقار والضرب الغبي الذي يفسد ولا يُصلح،

ويزرع البغضاء والعداوة لا الحب والمودة، وهؤلاء لا يعرفون المودة والعشرة الطيبة، والرحمة بالنساء عموما،

فقد أوصانا رسولنا في حجة الوداع بمعاشر النساء ومعاملتهن بالخير والرفق والمودة.

من د. بسام العموش

أستاذ العقيدة والفرق في الجامعة الأردنية