حاوره د. خالد شاهين

الأستاذ الدكتور عبد الفتاح العويسي أستاذ العلاقات الدولية ومؤسس الحقل المعرفي لبيت المقدس، تنقل بين العواصم الدولية والعربية لخدمة فلسطين وقضايا بيت المقدس بشكل خاص.

أبعد الدكتور العويسي إلى مرج الزهور عام 1992م مع 415 من قادة حركة المقاومة الإسلامية والجهاد الإسلامي، حيث أسس في مرج الزهور جامعة ابن تيمية الخاصة بالمبعدين، ويعمل حاليا بمجال التدريس والأبحاث في بريطانيا، ويرعى بشكل خاص “المشروع المعرفي لبيت المقدس”، وله عدد من الكتب والمؤلفات أبرزها كتاب “جذور القضية الفلسطينية”.

صف لنا مأساة الاعتقال

 اتذكر أنه كان يوم الإثنين قبل أذان الفجر الموافق 14/12/1992م، حيث قام جنود الاحتلال اقتحام المنزل وكان معهم 3 من قادة المخابرات الصهيونية فى مدينة الخليل، وطلبوا مني ارتداء الملابس على وجه السرعة بحجة أنهم ليس لديهم وقت، وتم وضعى فى سيارة عسكرية، فوجدت أخوه لى أعرفهم من مدينة خليل ، حيث تم ربط ايدينا حيث وصلنا إلى منطقة تسمي العمار فى الخليل، وصلينا الفجر بهذه المنطقة، وفى الصباح تم وضعنا فى سجن بقرب الظاهريه وقضينا به يومين وفى مساء الثلاثاء تم النداء على اسمي وجاء وثلاثة من جنود الاحتلال “الشياطين” وتم تعصيب عيني وايدي وقدمي وضعي فى سيارة.

وكان لدي علم أنه سوف يتم الذهاب بى إلى أحد الأماكن من اتجاه السياة فإذا اتخذت جهة اليسار فنحن نصل إلى منطقة النقب وهذا سيكون حكم إداري، أما إذا اتخذت السيارة جهة اليمن فنحن فى اتجاه المدينة المقدسه اتجاه المسكوبيه وهذا يسمي بالمسلخ، ويعرف بمكان التحقيق.

ولكن السيارة تجاوزت المكان المذكور وشعرنا بوجود أمطار وثلوج تتساقط، ولم أكن أعرف أن هناك اخوة آخرين معى، وقضينا أكثر من 45 ساعة مقيدين وبدون طعام أو شراب ولم نعرف الليل ولا النهار، وعرفنا أن هناك قضية رفعت من خلال القضاء الصهيوني بإبعاد بعض المقدسيين.

وفى فجر الجمعة جاء أحد الجنود وأبلغنى بأنه تم إبعادنا لجنوب لبنان.

هل قرار الإبعاد كان جاهز من قبل القضاء الصهيوني؟

فى الغالب القرار كان معد من قبل رئيس الوزراء الصهيوني فى هذا الوقت رابين.

وفى هذا التوقيت خطر فى بالي الرسول حين أخرج من مكة المكرمة، وبكيت على خروجي وقولت مقولة  الرسول (والله أنك أحب بقاع الأرضي إلى قلبي ولو أن بي اسرائيل اخرجونى منك ما خرجت”.

كيف كان ظروف المعيشه فى هذا المكان بجنوب لبنان؟

الجو كان برد شديد جراء سقوط الثلوج والأمطار كنا ننام والمياه تغمرنا، وهذه المنطقة كان يسيطر عليها جنود لحد وهم تابعين لقوات الاحتلال الصهيونية.

وتم حملنا فى سيارات مكشوفة وانطلقت بنا إلى قرية مرج الزهور، وأخبرونا بأننا ممنعون من دخول لبنان، وعليه تم رجوع السيارة مره ثانية.

وعندنا رأى جنود الاحتلال قاموا إطلاق الرصاص الحى اتجاهنا، وعليه نزلنا من السيارة  نسير على أقدامنا، وتم المكوث فى هذا المخيم، وشكلى النوة الأولى لإقامة المخيم من 4 أخوة، وصلينا الفجر بدون سجود بسبب الخبث والثلوج التى كانت على الأرض.

وفى الصباح تم تشكيل القيادة للمخيم تتكون من 23 شخص التى  قادت المرحلة الانتقالية، وبعدها تم انتخاب قادة تتولى شئون المخيم.

وجاء الصليب الأحمر واعطنا المستلزمات من خيم والطعام وأدوية.

وتم اختياري ضمن القادة، وكنت مسئول عن الأرشيف وعليه تم احصاء عدد المبعدين،وكان عددهم 415 شخص وسلمنا الكشوف للصليب الأحمر.

وقام الأخوة بتوزيع نفسهم عن طريق كل مجموعة من منطقة واحد مع بعضهم البعض.

اشرح لنا كيف قمتم بتأسيس جامعة فى المخيم؟

فكرة تأسيس الجامعة كانت بتوفيق من الله “جامعة ابن تيمية” وجاءني أحد طلابي من مدينة الخليل وكان لدية امتحان آنذاك فطلبت منه التوجه إلى الصحفيين وإحضار لى الأوراق حتى اعقد له امتحان، وكان هناك 3 من اساتذة الجامعة بالمخيم، وعندما رأى الصحفيين ما سنقوم به، قالوا علينا أنتم مجانين لأننا نفكر فى العملية التعليمية رغم الظروف التى نمر بها، وتم رصد ما نقوم بها من امتحانات وتم تصحيح أوراق الطالب وعليه تخرج الطالب من الجامعة فى هذا العام.

وبعد 19 يوم وجد أن بالمخيم 17 استاذ جامعي و77 طالبا من الجامعات المخلتفة، ومنها جاءت فكرة انشاء الجامعة، وتم بناء مدرج من الحجارة وتم تسميتها جامعة “ابن تميمة” للمبعادين.

نرجو إلقاء الضوء على العام الذي تم إبعادكم فيه

فى البداية احب أن اذكر بعد ذوبان الثلوج وسطوع الشمس، كنت اتجول بعيد عن المخيم، وفى أحد الأيام اغمى على واخذيني أحد المزاعين إلى احدى القري لاالمجاورة، وتم علاجى ولكنى أصبت بشلل نصفى وبعد فترة علاج ذهبت إلى المخيم مرة ثانية، وقام أحد الأخوة يدعى “محمد جمال” من مدينة الخليل وبمساعدتى فى جميع احتياجاتى حتى دخولى المرحاض.

وقام الصليب الأحمر بالذهاب بي إلى بيروت وبعد الكشف تبين إلى أنه لابد من الذهاب بي إلى أحدى الدول الأروبية لاستكمال العلاج وخلال هذه المرحلة تم محاولة اختطافى، وتم الذهاب بي إلى بريطانيا لتلقى العلاج.

صف لنا كيف كانت مرحلة بريطانيا؟

التفكير الاساسي خلال هذه المرحلة هو العلاج، وأن استعيد صحتى مرة ثانية،

وكنت اريد المساعدة فى جميع أحوالى الشخصية، وبعدها جاءت الاسرة واتذكر أنه يوم ابعادى رزقت بمولد بعد عام ونصف.

ما هى المنظومة التى كانت تريد اخطافك؟

اتذكر أنه خلال عملية الاختطاف حدث عراك بيني وبين الخاطفين،

وأتوجه بالشكر للصيلب الأحمر ببيروت لما قاموا به من حمايتي، ولا أشك أن هذا الأمر يقف ورائه الموساد الصهيوني.

ما هى وسائل مشروعك المعرفي فى بريطانيا حتى حققت الأهداف؟

بداية المشروع كان فى مدينة الخليل 1986 بعد حصولى على الدكتورة فى الولايات المتحدة،

وبعد قيامي بالتدريس فى المسجد الأقصي لمدة 3 سنوات، وتعد هذه أجمل المراحل فى حياتي.

وفكرت أن وزجتى بإنشاء مؤسسة فى بريطانيا، وتم فتح حساب بـ 75 جنيه استرليني بعد فتح حصالة أولادي باسم “مجمع دراسات بيت المقدس”

وقضينا سنتين ندرس ما جاء به قبلنا من دراسات حول بيت المقدس، وانضم إلينا مجموعة من العلماء المسلمين.

الأهداف الاستراتيجية لمشروع  لتحرير فلسطين

المرحلة الأولى: كانت لابد من الإساءة لبني صهيون عن طريق العلم والمعرفة

المرحة الثانية: التحرير هو جنى ثمرة الإعداد، وهذا الإعداد يكون عبر الاجيال.

والأهداف ستكون عبر تحقيق

• ابرز الأولية المنسيه عند الأمة

•المساهمة المعرفية فى التحرير القادم عن طريق التاريخ المستقبلي

• تقديم العلم النافع فى الارتقاء بالتفكير الاستراتيجي

هل وجدت صعوبات فى تحقيق هذه الأهداف؟

العقابات والتحديات ظهرت منذ أول يوم، حاولنا  أكثر من سنيتن التجسيل خلال الجامعات فى بريطانيا نفشل في كل مرة، وبعد مقابلة 5 جامعات سجلنا فى أحد الجامعات ثم طورنا الأمر بعد ذلك.

لكن من أهم العقابات التى وجهتنا الحملات الصهيونية وتواجد الجماعات الهيودية فى بريطانيا، ولتجاوز هذه الصعوبات قمنا بدراسة البيئة المحيطه بنا.

كما وجهنا فشل معنوى من خلال شقين

الشق الأول:  مخابرات الكيان الصهيوني وادواته.

والشق الثاني: أجهزة الاستخبارات العربية

والشق الثالث: اعداء النجاح خاصة من المسلمين واربطابتهم بأجهزة الاسخبارات.

ما هى الوسائل لتحقيق الأهداف الاستراتيجية؟

وسائل تحقيق الأهداف الاستراتيجية كان لها أهداف

  • اعداد جيل من العلماء للحديث إلى عامة المسلمين من خلال ما تعلموه خلال الدراسات والأبحاث التى قاموا بها
  • صنع المعرفة التى لابد أن تصل إلى الجميع

هل هناك التواصل بينكم وبين المقاومة؟

جميع الدراسات والأبحاث تصل إلى يد المقاومة حتى يكون هناك تكامل بين العمل السياسي والمعرفى.

من د. فؤاد البنّا

رئيس منتدى الفكر الإسلامي، أستاذ العلوم السياسية جامعة تعز، اليمن