تحررت “خيرسون” بعد أشهر من الاحتلال الروسي، وها هم أهلها يستقبلون الجنود الأوكران بالبشر والسعادة، فيا ترى ماذا فعل الروس في “خيرسون”؟

 

أعلنت موسكو سحب قواتها من المدينة قبل أيام بعد أن تعذر على قوات بوتين الدفاع عنها بسبب تكثيف القوات الأوكرانية القصف على القطعات الروسية وقامت بقطع خطوط الإمداد.

 

لكن الآن أمام كييف تحديات مختلفة، أهمها إعادة الحياة إلى المدينة التي لا يزال يعيش فيها عشرات الآلاف.

 

نقص حاد في الخدمات

تقول صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن القادة المحليين يحذرون من وجود نقص حاد في الخدمات الأساسية بينما تعمل الفرق الأوكرانية المتخصص على إزالة ما قد يصل إلى آلاف الألغام والأفخاخ المتفجرة.

 

وقال رومان هولوفنيا، مستشار عمدة خيرسون للتلفزيون الأوكراني إن “هناك نقصا حادا في المياه في المدينة، وهناك نقص في الأدوية والخبز والكهرباء”.
وقال هولوفنيا إن حوالي ربع سكان المدينة قبل الحرب البالغ عددهم حوالي 320 ألف نسمة ما زالوا في المدينة.

 

وقال حاكم منطقة خيرسون، ياروسلاف يانوشيفيتش، في مقابلة إن استعادة الكهرباء وخدمة الهاتف في المنطقة ستكون مهمة كبيرة.

 

وأضاف أن الجنود الروس فجروا أكثر من كيلومتر من الشبكة الكهربائية وأخذوا أجزاء من أبراج الهواتف المحمولة عندما فروا.

 

وأضاف أنهم أخرجوا أيضا شاحنات الإطفاء والمرافق من المدينة، وأطلقوا النار على خزانات الوقود لعدد من القوارب في الميناء، مما أدى إلى تسرب النفط.

 

قوافل مساعدات

ويجري إرسال قوافل إنسانية محملة بالأغذية والأدوية وغيرها من الضروريات من المدن المجاورة، بما في ذلك ميكولاييف، عاصمة المنطقة المجاورة. وقالت الحكومة الأوكرانية إنها سترسل 6000 موقد وخشب إلى منطقة خيرسون.

 

وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، للصحفيين في آسيا إن إدارة بايدن مستعدة لإرسال المزيد من المساعدات في الأسابيع المقبلة لمساعدة أوكرانيا على التعامل مع فصل الشتاء.

 

وقال رئيس السكك الحديدية الحكومية الأوكرانية أولكسندر كاميشين إن فريقه يعمل على استئناف خدمة السكك الحديدية في أسرع وقت ممكن.

 

وفي خطابه الليلي، السبت، تعهد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي بـ”استعادة كل شيء”، وقال زيلينسكي إن فرق التخلص من القنابل أزالت بالفعل نحو 2000 لغم وأسلاك مفخخة وذخائر غير منفجرة. لكن البنية التحتية ليست وحدها كل التحديات.

الأمن الداخلي

ومنحت استعادة خيرسون كييف انتصارا يعزز معنوياتها قبل فصل الشتاء كما أنه يوضح لحلفاء أوكرانيا في الغرب أن قوات أوكرانيا قادرة على الاستفادة الفعالة من المساعدات العسكرية المتقدمة التي تقدمها في وقت تواجه فيه الحكومات ضغوطا متزايدة لتبرير دعمها للمجهود الحربي الأوكراني مع تصاعد التكاليف الاقتصادية.

 

مع هذا يمكن أن تكون استعادة الأمن الداخلي صعبة للغاية، حيث مزقت الحرب نسيج المجتمع الأوكراني وقسمته إلى معسكرين رئيسيين، من هم يريدون أوكرانيا مستقلة، والآخرون الذين يحنون إلى الماضي السوفييتي ويدينون بالولاء لروسيا.

 

كما أن وجود القوات الروسية على بعد عدة عشرات الكيلومترات من المدينة لا يمكن أن يساهم بتعزيز الإحساس بالأمان لدى الأوكرانيين في خيرسون، التي يتوقع المجتمع الدولي أن يكتشف فيها فظائع مماثلة لما وجد في المدن التي احتلتها روسيا.

 

400 جريمة حرب

وكشف زيلنسكي، الأحد، أن التحقيقات في خيرسون كشفت عن “ارتكاب الروس 400 جريمة حرب”.

 

وأضاف أن الروس ارتكبوا في خيرسون “الفظائع نفسها” التي ارتكبوها في مناطق أوكرانية أخرى.

 

وقال زيلينسكي في مداخلة: “تم العثور على جثث القتلى، جثث مدنيين وعسكريين. في منطقة خيرسون، ترك الجيش الروسي خلفه الفظائع نفسها (التي ارتكبها) في مناطق أخرى من بلادنا حيث تمكن من الدخول”، واعدا “بالعثور على كل قاتل وإحالته امام القضاء”.

 

وأشار أيضا إلى إحصاء “400 جريمة حرب” روسية من دون أن يوضح ما إذا كانت تتصل فقط بمنطقة خيرسون.

 

وبعد ظهر يوم السبت، نشر الحاكم يانوشيفيتش مقطع فيديو من مركز خيرسون يقول فيه إن إدارته والشرطة الوطنية وجهاز الأمن الأوكراني قد بدأوا العمل لمتابعة الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها الروس.

 

وفي الأجزاء الشمالية من منطقة خيرسون، التي استعادت أوكرانيا السيطرة عليها الشهر الماضي، بدأ المدعون العامون عملية استخراج الجثث وفحصها بحثا عن أدلة على ارتكاب جرائم حرب.

 

وفي قرية فيسوكوبيليا، قال ممثلو الادعاء الإقليميون إنهم استخرجت ثلاث جثث.

 

وبدا اثنان وكأنهما قتلا جراء القصف، وتوفي الثالث شنقا، وفقا لموظف يعمل على استخراج الجثث.

 

وفي أرخانهيلسكي القريبة قام ممثلو الادعاء يوم الجمعة باستخراج ثلاث جثث أخرى أرسلت لفحصها.

وكان الأوكرانيون في خيرسون يحتفلون بانسحاب روسيا لكنهم قالوا أيضا لصحيفة نيويورك تايمز إنهم يخشون أن ترد موسكو.

 

وقال الكولونيل، رومان كوستينكو، عضو البرلمان الذي يخدم في الجيش الأوكراني إن خطر القصف الانتقامي على خيرسون مرتفع.

 

وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع الروسية أعلنت، الجمعة، أن جميع قواتها انسحبت من المدينة، قالت وكالة المخابرات التابعة للجيش الأوكراني، السبت، إنه لا يزال هناك جنود روس في مواقع دفاعية ثابتة، وأنه من غير الواضح ما إذا كانوا سيقاتلون أو يفرون أو يستسلمون. وأبلغ الجيش الأوكراني عن بعض المناوشات مع القوات الروسية على مشارف خيرسون.

 

وقال، رومان لوزينسكي، عضو البرلمان الذي يخدم في البحرية الأوكرانية، إن الانتصار “يظهر للعالم بأسره أن أوكرانيا قادرة على القيام بذلك”.

 

وقال إن الاحتفال في المدينة أظهر أن الادعاءات الروسية بأن الأوكرانيين في جنوب وشرق البلاد يريدون الانضمام إلى روسيا كاذبة.

 

وأضاف أن “الأشخاص الذين يتحدثون الروسية خرجوا إلى الشوارع لتحية الجنود الأوكرانيين”.

 

وقال الجيش إن القوات الأوكرانية تبحث عن أي جنود روس قد يكونون مختبئين في منازل مهجورة.

 

كما إن هناك مخاوف من أعمال انتقامية قد تستهدف المتعاونين مع الروس، أو كل من اتهم بالتعاون معهم، حتى لو لم يكن هذا صحيحا.

 

وقالت، ناتاليا هومينيوك، المتحدثة باسم القيادة الجنوبية للجيش الأوكراني إن بعض الجنود الروس في مدينة خيرسون وحولها ما زالوا مشتبكين مع القوات الأوكرانية. وقالت إن هناك أيضا تقارير عن استسلام الجنود الروس للأوكرانيين.

 

“كم عدد الجنود المنسيين المتبقين، من الصعب جدا القول في هذه المرحلة”، قالت هومينيوك في مقابلة مع فريدوم تي في، وهي قناة باللغة الروسية في أوكرانيا تركز على البث في الخارج.

 

وأضافت هومينيوك أن القوات الأوكرانية “على مرمى حجر” من القوات الروسية التي كانت تحصن مواقع على الجانب الآخر من نهر دنيبرو ، مما يجعل قوات كييف عرضة لنيران المدفعية.

 

وأفاد الجيش الأوكراني أيضا بوقوع قتال في بلدات وقرى خارج مدينة خيرسون بما في ذلك حول سد هام في مدينة نوفا كاخوفكا.

 

وتقع خيرسون نفسها أيضا على جزء رئيسي من نهر دنيبرو الذي يخترق معظم أوكرانيا، ويقع بالقرب من نقطة دخولها إلى البحر الأسود.

 

وأوضح زيلنسكي أن القتال في منطقة دونيتسك شرقي البلاد ما زال محتدما مع عدم تراجع حدة الهجمات الروسية، لكنها لا تزال بنفس الشدة التي كانت عليها خلال الأيام الماضية.

الأمة ووكالات