منذ بداية الربع الأخير للقرن المنصرم «القرن العشرين» والأصابع الأمريكية تتلاعب بعقول الفلاحين في مصر والشرق الأوسط، من خلال الدعم المادي ومشاريع الفنكوش التي تفرضها واشنطن مقابل دعمها للمزارعين.

وعلمت منذ أن كنت مندوبًا لجريدتي «الحقيقة» في وزارة الزراعة أن أمريكا فرضت تعليمات على الحكومة المصرية بتقليل زراعة القمح والاعتماد على القمح الأمريكي،

وقد كان من بين علماء الزراعة في مصر من يسمونه بـ«أبو القمح» في مصر الدكتور عبد السلام جمعة

الذي طور بذور القمح لرفع إنتاج الفدان ثمانية أضعف،

لكنه لم يفلح لاصطدامه بتعليمات أمريكا التي زرعت خبراءها في مركز البحوث الزراعية المصري،

وذلك من خلال مشروع البحوث الزراعية الوطنية (NAR) «National Agricultural Research»

ومازالت أمريكا تواصل سيطرتها على المشاريع الزراعية في مصر ودول الشرق الأوسط بحجة توفي الأمن الغذائي للشعوب.

ففي 4 أكتوبر الجاري قال ديفيد ويزنر، مدير الأمن الغذائي العالمي بوزارة الخارجية الأمريكية في حلقة نقاشية، بعنوان «الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: فهم الاحتياجات العاجلة والدعم الأمريكي»: «إن حجم الأزمة مذهل».

أزمة المناخ 

وأشار ويزنر إلى أن أزمة المناخ والصراعات في جميع أنحاء العالم والتداعيات الاقتصادية لوباء كوڤيد19 تدفع باتجاه أزمة غذائية عالمية تركت 193 مليون شخص في جميع أنحاء العالم بحاجة إلى مساعدات غذائية إنسانية.

جدير بالذكر أن الولايات المتحدة قدمت 9.8 بليون دولار كمساعدات غذائية إنسانية دولية في العام 2022.

وتشمل المعونة 1.8 بليون دولار كمساعدات غذائية طارئة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أدى الطقس القاسي إلى خفض إنتاجية المزارعين،

كما أدت الحرب الروسية ضد أوكرانيا إلى خفض الواردات الزراعية إلى العديد من الدول التي كانت تعتمد في السابق على القمح من أوكرانيا.

يشمل الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للزراعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما يلي:

البذور والدعم الفني للمزارعين في لبنان وسوريا.

المنح النقدية لصغار الفلاحين في المغرب.

القروض للشركات الصغيرة في العراق ولبنان لتحسين طرق معالجة، وتجهيز الأغذية ونقلها وتخزينها.

قالت كارلا بوك، الخبيرة الاقتصادية الإقليمية لمكتب الشرق الأوسط التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية،

إن تحسين طرق معالجة وتخزين المواد الغذائية يقلل من الهدر، ويضمن وصول المزيد من الطعام إلى المستهلكين.

تقدم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية حلولًا زراعية منخفضة التكلفة للمزارعين في مصر التي تعد تقليديًا أكبر مستورد للقمح في العالم.

وقبل الحرب الروسية ضد أوكرانيا، كان 75٪ من إمدادات القمح إلى مصر تأتي من أوكرانيا وروسيا.

لقد ساعدت مشاريع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 5 آلاف مزارع قمح مصري على تقليل خسائر المنتجات خلال موسم الحصاد الأخير.

الخبز يمثل الحياة للمصريين

وقال محمد أبو الوفا من مكتب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر أمام الحلقة النقاشية «إن الخبز يمثل الحياة للمصريين».

وتساعد المبادرات الأخرى للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المزارعين في مصر على الحفاظ على المياه وزيادة الربحية، بما في ذلك عن طريق الحد من خسائر الإنتاج أثناء حصاد التمور.

كما سلط أعضاء الحلقة النقاشية الضوء على أهمية الحفاظ على المياه والصرف الصحي.

وقال نيلز كول من مكتب السياسة الزراعية بوزارة الخارجية لأعضاء الحلقة إن الدول الأفريقية تعاني أسوأ موجة جفاف منذ عقود،

وإن أكثر من 2.2 بليون شخص في جميع أنحاء العالم يفتقرون إلى مياه الشرب النقية.

في إطار خطة الطوارئ الرئاسية للتكيف والقدرة على الصمود (ملف بي دي إف باللغة الإنجليزية، 427 كيلوبايت)،

والتي ستساعد نصف بليون شخص على إدارة آثار أزمة المناخ والتكيف معها، تهدف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى جمع بليون دولار لتمويل خدمات المياه والصرف الصحي القادرة على التكيف مع تغير المناخ من خلال 2030.

وقال كول لأعضاء الحلقة إن المياه هي الحلقة الرئيسية في كل هذه الأزمات.

فنحن بحاجة إلى مناهج مبتكرة لإدارة المياه للتكيف مع تأثيرات تغير المناخ.

من د. حاكم المطيري

الأمين العام لمؤتمر الأمة ورئيس حزب الأمة، أستاذ التفسير والحديث - جامعة الكويت