من المصطلحات التي تشوهت معانيها،وضاعت حقيقتها مصطلح الرجولة. فهل نحتاج لإعادة صياغته وتعريفه لشبابنا من جديد؟

إن كلمة «رجل» في اللسان العربي تعني: الترجل؛ أي أن يمشي الشخص على قدميه دونما استعانة بآلة أو دابة،

وهذا يعني الاعتماد على النفس في الوصول إلى الهدف المقصود. ولقد اختلفنا كثيرًا في تفسير معنى الرجولة؛ فمنّا من يفسرها بالقوة والشجاعة،

ومنّا من يفسرها بالزعامة والقيادة والحزم، ومنّا من يفسرها بالكرم والجود، ومن يقيسها بمدى تحصيل المال والغنى وحجم الرصيد في البنك، ومن يظنها عصبيةً،

ومن شباب اليوم الذي يعتقد أنها عضلات مفتولة وشوارب معقوفة ولحية مشذبة وسيارة حديثة،

في حين أن الله عز وجل قد فسرها في كتابه الكريم في أكثر من خمسين موضعًا في آيات كثيرة لا يتسع الوقت لذكرها..

منها الأعمال الفاضلة والأخلاق الحسنة والمسؤولية، والإيجابية، والوفاء، والجدية، والإيمان القوي، فالرجولة رأيٌ سديد، وكلمة طيبة، ومروءةٌ وشهامةٌ.

وما نريده نحن هنا هو الوصف الزائد الذي يستحق صاحبه المدح. فالرجولة بهذا المفهوم تعني القوة والمروءة والكمال،

وكلما كملت صفات المرء استحق هذا الوصف بأن يكون رجلا، وقد وصف الله بذلك الوصف أشرف الخلق فقال:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى}.

والذي يتتبع معنى الرجولة في القرآن الكريم والسنة النبوية يعلم أن أعظم من تتحقق فيهم سمات الرجولة الكاملة هم الأنبياء.

وإلقاء نظرة خاطفة على حياة الأنبياء الكرام وعلى حياة الصالحين من بعدهم كافٍ لتصديق عمق المفهوم القرآني حول وصف الرجولة.

فالمسؤولية كانت هي العلامة المميزة لهم وهم يتعاملون مع مختلف الأشخاص والأحداث.

ولا جرم أن الإنسان عندما تترسخ معاني المسؤولية في عقله وضميره،

تأتي من بعدها كل السمات التي تحدثنا عنها سابقا، ومن ثم تتجلى واضحة في كل شيء تحيط به.

فلابد من إعادة النظر في تصورنا لمفهوم الرجولة، ومحاولة الارتقاء به إلى مستوى الرؤية القرآنية له.

من د. إبراهيم عوض

أديب عربي ومفكِّر إسلامي مصري