رصد برنامج عين على القدس الذي عرضه التلفزيون الاردني، أمس الاثنين، محاولات سلطات الاحتلال تغيير الوضع القائم في القدس والمسجد الأقصى، من خلال الدعوة إلى تصعيد الاقتحامات اليهودية المتطرفة للمسجد بحماية شرطة الاحتلال، ومقاومة الفلسطينيين لهذه الاقتحامات والتصدي لها ولمخططات الاحتلال لفرض التوزيع المكاني والزماني في المسجد.

وأوضح البرنامج في تقريره الأسبوعي المصور في القدس، أن الجماعات اليهودية المتطرفة نشطت قبل بداية شهر رمضان المبارك بالتحريض على تكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى في عيد الفصح اليهودي، مؤكدة عبر منصاتها الاجتماعية المختلفة عزمها على ذبح قرابين عيد الفصح في باحات المسجد، وحثت اتباعها على القيام بذلك.

وأشار التقرير إلى أن عملية التحريض تمت أيضاً على المستوى السياسي بحجة «حق اليهود» باقتحام المسجد الأقصى المبارك، ما زاد من حدة التوتر في المدينة المقدسة، مبينا أن هذه التحريضات الاستفزازية قوبلت بغضب فلسطيني عارم، ودعوات إلى جميع المسلمين لشد الرحال والرباط في الحرم القدسي الشريف والتصدي لهذه الاقتحامات.

المختص في الشؤون الإسرائيلية، إسماعيل المسلماني، قال إن جمعية أمناء الهيكل أكدت “كالعادة” أنها ستقوم بذبح القرابين داخل المسجد الأقصى، وبدأت مع بداية الشهر الفضيل بتصعيد اقتحاماتها للأقصى، إلا أن المقدسيين المرابطين، مع الإسناد الشعبي من كافة مدن الضفة الغربية والداخل الفلسطيني، تصدوا لهذه الاقتحامات رغم اعتداء شرطة الاحتلال عليهم بعد أن قامت بحشر الشبان داخل المسجد القبلي والنساء داخل المسجد.

وبين التقرير أن الاقتحامات الاستفزازية للمسجد الأقصى من قبل قوات الاحتلال والجماعات اليهودية المتطرفة قوبلت بتحرك أردني وفلسطيني واسع وضاغط وغاضب، كما وثق البرنامج مشاهد لاعتداء شرطة الاحتلال على المعتكفين داخل المسجد من النساء والرجال، من خلال إطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والاعتداء المباشر عليهم بالهراوات، واعتقال المئات منهم، إضافة إلى اعتلاء شرطة الاحتلال سطح المسجد القبلي وقيامها بتكسير نوافذه التاريخية.

مدير العلاقات العامة في المسجد الأقصى، محمد الأشهب، أكد أن المسجد المبارك شهد بالتزامن مع الأعياد اليهودية العديد من الاقتحامات من قبل أفراد القوات الخاصة المدججين بالسلاح، إضافة لاستخدامهم «القوة المفرطة» ضد المتواجدين فيه، ما أدى إلى إصابة المئات من المصلين ومن ضمنهم عدد من موظفي الأوقاف الإسلامية وحراس المسجد، عدا عن تكسير وتخريب العديد من معالم المسجد، حيث تم تكسير 29 شباكا من الشبابيك الجصية في المسجد القبلي إلى جانب العديد من أبواب المسجد. وأشار الأشهب إلى أن شرطة الاحتلال حولت المسجد إلى ثكنة عسكرية من خلال وضع الحواجز على أبوابه وملاحقة المصلين وطردهم خارجه لتامين الحماية للمقتحمين من المتطرفين اليهود الذين تجاوز عددهم 4600 خلال شهر نيسان، من ضمنهم أكثر من 3600 متطرف اقتحم المسجد خلال فترة عيد الفصح اليهودي الذي أتى بالتزامن مع شهر رمضان.

ولفت التقرير إلى أن شرطة الاحتلال استهدفت الصحفيين باعتداءاتها وبشكل مقصود، للحيلولة دون إيصال الصورة والمعلومة للعالم، حيث تعرض عدد كبير من الصحفيين للإصابة نتيجة للضرب المبرح، ناهيك عن تكسير معداتهم واعتقال بعضهم.

وذكر التقرير ان الدعوات لاقتحام المسجد استمرت حتى بعد انتهاء الشهر الفضيل والأعياد اليهودية، حيث دعت جماعة أمناء الهيكل إلى اقتحام المسجد ورفع الأعلام الإسرائيلية فيه، كما دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى السماح للمستوطنين باقتحام المسجد احتفاء بإعلان قيام دولة الاحتلال، ومنعت شرطة الاحتلال المصلين من الدخول للمسجد لساعات طويلة خلال فترة الاقتحام، ما يدل على إصرار المؤسسة الرسمية للاحتلال على تغيير الواقع التاريخي للمسجد الأقصى.

والتقى البرنامج الذي يقدمه الزميل جرير مرقة عبر اتصال فيديو من القدس بالباحث وعضو هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس، مازن الجعبري، الذي قال إن سلطات الاحتلال قامت بحملة من الاعتقالات قبل شهر رمضان شملته شخصياً، حيث تم توجيه تهديد مباشر له حول نشاطاته وتعليقاته في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار الجعبري إلى أن سلطات الاحتلال ركزت خلال الثلاث سنوات الأخيرة على ربط المسجد الأقصى مع الأعياد اليهودية، التي تزامنت مع الشهر الفضيل ما زاد من حجم الاقتحامات وعددها، إلى جانب تصاعد الاعتداءات واستخدام القوة المفرطة تجاه المصلين والمرابطين في المسجد خلال شهر رمضان من هذا العام، حيث تم اعتقال أكثر من 800 فلسطيني إضافة إلى إصابة أكثر من 400 منهم. وأوضح أنه كان هناك نقلة نوعية في إدارة شؤون المسجد الأقصى من قبل دائرة الأوقاف لهذا العام، رغم الصعوبات التي فرضتها سلطات الاحتلال على المسجد، إلا انها نجحت بالتعاون مع اللجان المحلية والكشافة بتهيئة جميع المرافق لراحة المصلين والمرابطين فيه، خصوصاً في ليلة القدر.

وبين الجعبري أن موضوع الأقصى لدى الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل الليكود اصبح موضوعاً قومياً، وأن الكيان الصهيوني تسعى في الوقت الحالي إلى أن يكون المسجد الأقصى مكاناً مقدساً لليهود والمسلمين من خلال التقسيم الزماني والمكاني له، وأنه نجح في فرضه داخل باحات المسجد في فترة ما، إلا أن صمود الفلسطينيين بعد عام 2015 أفشل العديد من المخططات الإسرائيلية بما فيها البوابات الالكترونية ومحاولة السيطرة على باب الرحمة، كما افشل محاولة وجود اقتحام روتيني ودائم للأقصى المبارك، وأكد أن سلطات الاحتلال ستواصل سعيها لإحداث هذا التغيير، ولذلك دعت إلى الاقتحامات بعد انقضاء شهر رمضان والأعياد اليهودية.

كما التقى البرنامج برئيس لجنة القدس في القائمة العربية المشتركة، الدكتور أحمد الطيبي، حيث أكد أن مقولة «إسرائيل تملك السيادة وحدها» هي كلام احتلالي، وأن القدس مدينة محتلة، وأن المسجد الأقصى يرزح تحت الاحتلال من قبل قوة أجنبية بحسب القانون الدولي، ولذلك لا بد من رفض كلام نفتالي بينت الذي أراد به القول بأن القدس موحدة وأن إسرائيل صاحبة السيادة فيها. كما أكد رفضه لقانون توحيد القدس باعتبارها مدينة عربية محتلة وأن المسجد الأقصى هو مكان صلاة للمسلمين وحدهم، ولا شيء غير ذلك، مؤكدا أن هناك «رعاية أردنية هاشمية» جاءت نتاج اتفاق فلسطيني أردني رسمي، واتفاق دولي أيضاً وملزم لحكومة إسرائيل ولا يمكن التنكر له.

وأوضح الطيبي أنه يرأس قائمة تمتلك ستة مقاعد، وهي معارضة للحكومة الحالية «السيئة» والأكثر عدوانية وشراسة فيما يتعلق بموضوع القدس والأقصى من سابقتها، لافتاً إلى أن عدد الاقتحامات في عهدها هو الأعلى، وهي الأعلى في دعم الاستيطان في القدس، والذي تمثل بـ9 آلاف وحدة استيطانية، إضافة إلى تعاملها الشرس وهدم المنازل في النقب، مؤكدا أنها تنهار داخلياً نتيجة للانشقاق القائم داخل الأحزاب المشكلة لها، وأن القائمة تصدت لحجب للثقة قدمه الليكود ليترأس نتنياهو حكومة جديدة.

وقال الطيبي في ختام حديثه إن العالم كله يشهد على صمود الفلسطينيين في الدفاع عن الأقصى، كما أكد أهمية الرعاية الهاشمية للمقدسات والوصاية عليها، إلى جانب التحركات الدولية للحكومة الأردنية والفلسطينية، مشيراً إلى أن «هناك من ينزعج منها في الحكومة الصهيونية الحالية».

– (بترا)

من د. حاكم المطيري

الأمين العام لمؤتمر الأمة ورئيس حزب الأمة، أستاذ التفسير والحديث - جامعة الكويت