قال المعْترِضُون: إنَّ الألباني كان مرجئاً في الإيمان..

قلتُ: سبب تسمية المرجئة بهذا الاسم يعود لمعنى الإرجاء في لغة العرب، والإرجاء في اللغة هو التأخير..

قال اللغوي الكبير محمد بن علي الهروي المتوفَّى سنة 433 هـ في كتابه «إسفار الفصيح»:

«المرْجِئة صِنْفٌ من المسلمين، يقولون: «الإيمانُ قولٌ بلا عمل»،

فكأنهم أَرْجأوا العمل، أي أخَّرُوه،اعتقاداً،أو مباشرةً،

لأنهم يقولون: إنَّا وإنْ لم نصلِّ، ولم نَصُم،ننجو بإيماننا بالله وكتبه ورسله..والواحد منهم مرْجئ.»

وقال اللغوي أحمد الفيومي المتوفَّى سنة ٧٧٠ هـ في كتابه “المصباح المنير”:

الْمرْجِئَةُ: طَائِفَةٌ يرْجِئُونَ الْأَعْمَالَ أَيْ يؤَخِّرُونَهَا، فَلَا يرَتِّبُونَ عَلَيْهَا ثَوَابًا وَلَا عِقَابًا، بَلْ يَقُولُونَ: الْمؤْمِنُ يَسْتَحِقُّ الْجَنَّةَ بِالْإِيمَانِ دونَ بَقِيَّةِ الطَّاعَاتِ..

 فهم يعتقدون أنَّ الإيمانَ هو التصديق القلبي والنّطق اللساني، ولا يضر مع الإيمان السليم ذنبٌ عندهم، كما لا تنفع مع الكفر طاعةٌ.

قال الحافظ الكبير وَكِيع بن الجرَّاح المتوفى سنة 196 هـ: «قَالَتِ الْمرْجِئَةُ: الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يجْزِئُ مِنَ الْعَمَلِ. وَقَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ: الْمَعْرِفَةُ بِالْقَلْبِ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يجْزِئُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. وَهَذَا كفْرٌ». (السنة لعبد الله بن أحمد برقم ٤١٨).

وكلام المرجئة هذا هو محل اتفاق عند المؤرخين والأُصوليين..

وقال الطَّحاويُّ المتوفَّى سنة ٣٢١ هـ في عقيدته: (وَلَا نَقُولُ لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذَنْبٌ لمن عمله).

وعلَّق الألبانيُّ على هذا فقال:

«وذلك لأنَّه من قول المُرْجِئة المُؤدِّي إلى التكذيب بآيات الوعيد وأحاديثه الواردة في حقِّ العُصَاة من هذه الأُمَّة، وأنَّ طوائف منهم يدخلون النار ثم يخرجون منها بالشفاعة أو بغيرها.»

(العقيدة الطحاوية بتعليقات الألباني ٦٠)

وقال أبو القاسم الزمخشري المعتزلي المتوفَّى سنة ٥٣٨ هـ في كتابه «أساس البلاغة»:

عِشْ ولا تغترَّ بالرَّجاء،ولا يَغْرُرْ بك مذهبُ الإرجاء.

ونقل اللغوي أبو منصور الثعالبي المتوفَّى سنة ٤٢٩ هـ في كتابه ” ثمار القلوب”:

كان المأمون يقول: الإرجاء دين الملوك.

فهل يستطيع المتَّهِمُون للألباني بالإرْجاء، بأن ينقلوا عنه قولاً واحداً فيه تكذيب بآيات وأحاديث تتوعد العصاة بعذاب الله؟

أو ينقلوا عنه أنه قال: الإقرار بالقلب واللسان يجزىء عن العمل.؟

وأنا أنتظركم إلى يوم القيامة..(ودونكم خرْط القَتَاد)، كما كان يردِّدُ الألبانيُّ هذه المقولة عندما يتحدَّى خصومه..

(يتْبَع).

من محفوظ الرحمن

باحث وكاتب، بنغلاديش