التراجم والسير: هي نوع من الأنواع الأدبية التي تتناول التعريف بحياة رجل أو أكثر، تعريفا يطول أو يقصر،

ويتعمق أو يبدو على السطح تبعا لحالة العصر الذي كتبت فيه الترجمة،

وتبعا لثقافة كاتب الترجمة ومدى قدرته على رسم صورة واضحة ودقيقة، من مجموع المعارف والمعلومات،التي تجمعت لديه عن المترجم له.

بطلنا شيخ المجاهدين، ورمز من رموز حركات التحرر في العصر الحديث، خلد اسمها في التاريخ.

بطل عرف كيف يختار موتته الشريفة في زمن الخيانة.

بطـل جعل من حب الوطن قصة و قضية.

بطل اختار من المختار رسول الله  قدوة، ومن  شجاعة الفاروق عنوان مسيرة.

بطـل اغترف من شيم  بداوة الصحراء رجولة وأنفة

فطر قلب الشيخ المجاهد على حب العلم والعلماء

عاش ملتزما كتاب الله وسنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام منهاجا

كان من ثمار غرسه وتعليمه وتربيته  المجاهد الكبير السيد أحمد الشريف السنوسي  قائد الجهاد في شرق ليبيا ضد الغزو الإيطالي للبلاد في بدايات القرن العشرين..

بطل عشق الحرية و تشرب معانيها عمليا فرض الاحتلال والاستدمار

فكانت حياته كلها حسبة لله تعالى

كان البطل قدوة لإتباعه في الصبر والثبات عند لقاء الأعداء

كان سلاحه الوحيد إيمانه بالله تعالى  وعدل قضيته.

كرس المختار جهاده منافحا عن أرضه وعرضه، فكانتا سيان في قاموسه

ظل المختار يقاوم في ثبات أسطوري عشرين سنة كاملة،

كان في قلب المعركة بركانا، يقذف الحمم

يذيق  الأعداء كأس الموت المرير.

فخلد المختار بذلك اسمه  بين العظماء، خلد اسما  صنعه بجهاده.

دون البطل عمر المختار في دفاتر التاريخ أن الحرية وعيشة الكرماء دونهما المهج والأرواح الغالية.

يرسم للأمة ملح طريق العزة و الفخار

تخيلت الشيخ البطل يرسم للأمة ملح طريق العزة و الفخار؛ الذي يصنع  بالقوس والقرطاس والقلم.

سيظل أثر المختار يستنهض الأمة بجهاده، يعلم الأبناء تاريخ البطولة، يعلم الأبناء حياة الرجولة الحقة  ويعلمهم حياة الكرامة والفخار.

سيبقى أثر المختار يستنهض نبض الأمة الناهضة، لتواكب السير على نهج طريق الرواد من الفاتحين والمجددين والمصلحين عبر عصور الأمة المشرقة، فدروس التاريخ المحفوظة في سجل الذاكرة؛  أن المعتدي المغتصب لا يفقه لغة سلم الشجعان.

رسم عمر المختار مسيرة جهاده فلم يختر يوما طريق المساومة أو الاستسلام والارتماء في أحضان العدو، لعلمه أن ذلك لا يخدم الأمة، يعلم أن ضمان رفعتها الوحيد سيادة قرارها، وقوة وحدتها ومثانة رابطتها.

رحلت روح عمر المختار الطاهر شهيدا إلى السماء، و رحل المحتل معها صاغرا ذليلا.

فلا الشنق هز عزائم الأحرار ولا الرمي بجثته من الأعالي أسكت ثورة الشعب الأبي الشامخ، وظلت سمو روحه الطاهرة تصنع الأفراح لكل الأحرار في الدنيا.

رحل عمر المختار وقد علم الدنيا إن جرائم الاحتلال لا تسقط بالتقادم، بل تظل عارها يلاحق تلك الدول لهول الجرائم والمجازر والإبادات، لا تمحو تلك المخازي دموع نزعتها الإنسانية الكاذبة  لا تمحوها مواثيقها التي تغازل الضحايا، مع زعم التقدم وحماية حقوق الإنسان.

من د. علي القره داغي

الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين