أكد المحلل السياسي اللبناني الدكتور طارق عبود أن تعقيد الأزمة السياسية اللبنانية يعود إلى عوامل مهمة منها؛

مصالح الطبقة السياسية والاقتصادية والمصرفية اللبنانية في اقتطاع حصتها من أي مشروع 

وإلا لن تسمح بتمريره فضلا عن الهيمنة الأمريكية الرغبة في تناغم اي مشروع قد يشكل انفراجة للازمة مع رؤية واشنطن.

وقال عبود في حوار له مع جريدة الأمة الإليكترونية عن وقوف الهيمنة الأمريكية وراء تعطيل شركة فرنسية من التنقيب عن النفط والغاز في مربع‏ ٤

قبل الاتفاق علي ترسيم الحدود البحرية مع «إسرائيل» عبر ضغوط تمارس علي لبنان لتقديم تنازلات لدولة الاحتلال وهي تطورات تزيد المشهد السياسي تعقيدا.

‏وقلل الدكتور عبود من أهمية الرهان علي الحوار الإيراني السعودي في إخراج لبنان من أزمته فالأزمة صارت متشابكة تتجاوز قدرة الأطراف الإقليمية وحدها علي حلحتها.

واستبعد أن تشكل أحداث الطيونة شرارة عودة الحرب الأهلية في لبنان

فهذه الحرب حال اشتعالها لا ترتبط بالداخل فقط بقدر ارتباطاتها بقرار دولي

عبر تمويل وتسليح وتحريض علي إشعالها وهي تطورات لم نصل إليها حتى الآن

قضايا عديد تطرق إليها الحوار مع عبود في السطور التالية

♦ تصاعدت الضغوط السعودية والخليجية علي لبنان بشكل غير مسبوق علي خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول الحرب في اليمن ورفضه الاستقالة؟

•• العلاقات السعودية اللبنانية تمر بأزمة منذ العام 2017ولا تعد أزمة قرداحي إلا عرضا من أعراض هذه الأزمة؛

فالرياض تبدو غير معنية بالاعتراف بالواقع السياسي اللبناني الجديد،

ولا ترغب في الانخراط فيه رغم دعوة الكثير من زعماء الأحزاب اللبنانية لها للتدخل في ملفات عديدة،

وبالتالي فأزمة سحب السفراء ومطالبة سفراء لبنان بمغادرة عواصم خليجية لا تتعلق بتصريحات وزير الإعلام ولا رفضه الأخير للاستقالة،

والتي لو حدثت لن تنهي الأزمة بين الرياض وبيروت،

ومن ثم فإني اعتقد أن هناك ما يمكن أن نطلق عليه «قبة مخفية» تقف وراء هذا الابتزاز،

الذي لن تنهيه إلا مقاربة سياسية تعيد علاقات السعودية ولبنان إلي الطريق الصحيح وتنهي حملة الابتزاز السعودية القاسية ضد لبنان.

جورج قرداحي
جورج قرداحي

♦ يبدو الملف اللبناني عصيا علي الحلحلة فرغم أبصار حكومة ميقاتي النور إلا أن الفرقاء الإقليميين مصممون علي استمرار الأزمة

وعرقلة أية  محاولات للتسوية فهل يبدو هذا الأمر مرشحا للاستمرار ر فترة ليست بالقصيرة؟

•• تعقيدات المسألة اللبنانية تتجاوز الحدود الداخلية للبلد إلى المصالح الخارجية التي تتقاطع في كثير من الأحيان مع مصالح الخارج.

لذلك نرى التعقيد في المشهد السياسي وتأثيره في الوضع الاقتصادي،

لأنّ القرارات الاقتصادية المؤثرة تحتاج إلى مرجعيات سياسية قادرة على التصرف وفق مصلحة الدولة والشعب اللبناني،

ولكن ثمة عاملين يمنعان إنجاز ذلك يتمثلان بـ:

أولًا: مصالح الطبقة السياسية-الاقتصادية-المالية-المصرفية،التي اعتادت على اقتطاع حصتها من أي مشروع في البلد، وهي تريد المحافظة على هذه الحصة.

ثانيًا: الرغبة الأميركية الغربية في تماشي أي مشروع قد يشكّل انفراجًا للواقع الاقتصادي مع الرؤية الأميركية.

نأخذ التنفيب عن النفط والغاز مثالًا.

فالشركة الفرنسية مُنعت من استكمال الحفر في المربع رقم أربعة بسبب المعارضة الأميركية باستخراج النفط والغاز قبل تبلور الواقع السياسي الجديد،

وقبل الاتفاق مع الكيان الإسرائيلي على المنطقة المتنازع عليها في المنطقة البحرية.

لذلك نرى هذا التعقيد في المشهد السياسي، وعقم الحلول في الموضوع الاقتصادي

الحوار السعودي الإيراني ولبنان

♦ تجري حاليا مباحثات محاطة بالسرية النسبية بين إيران والسعودية لحلحلة عديد من الملفات منها:

الملف اللبنانية علي ما يبدو فهل تري تداعيات ايجابية لهذا التفاهم المتوقع علي الوضع اللبناني؟

•• طبيعي أن يؤثر ذلك على المشهد السياسي اللبناني، ويخفّف التوترات المذهبية والسياسية،

ولكن المسألة ليست متعلقة بالرغبات الداخلية والإقليمية،لأنّ العامل الأميركي حاضر بقوة في المشهد السياسي اللبناني.

♦ هناك مفاوضات برعاية أمريكية بين دولة الاحتلال ولبنان لترسيم الحدود..

فهل تري أن هناك علاقة بين هذه المباحثات وتصاعد الأزمة اللبنانية  وتوتر الأوضاع علي الحدود؟

•• لبنان يضغط باتجاه الانتهاء من موضوع الترسيم البحري،

لحاجة الكيان الإسرائيلي للانتهاء من هذه القضية.لذلك يضغط المبعوث الأميركي على المعنيين في الدولة اللبنانية لتقديم التنازلات،

وبالتالي تحقيق المصلحة الإسرائيلية،ويهدد المعنيين بالعقوبات عليهم وعلى عائلاتهم إذا لم ينصاعوا للرؤية الأميركية في موضوع الترسيم.

 

‏أحداث الطيونة والحرب الأهلية

♦ من جانب أخر أشعلت أحداث الطيونة نوعا من القلق حول احتمالات عودة الحرب الأهلية في لبنان..

هل تدعم هذا الطرح ولماذا يتمسك حرب الله بإبعاد المحقق العدلي طارق البيطار عن ملف مرفأ بيروت؟

•• أحداث الطيونة شكّلت حدثًا مبدلًا في المشهد السياسي اللبناني،

وفي الواقع الأمني،لذلك فالقلق موجود ومبرّر من تطوّر الأحداث ومن الشحن الطائفي والسياسي،

ولكن اتخاذ قرار الحرب الأهلية لا تحدده الأطراف الداخلية،

وإنما يكون بقرار خارجي يدفع إلى  ذلك، عبر التسليح والتمويل والتحريض وما شابه.

أما ارتياب حزب الله من المحقق العدلي فهو للاستنسابية التي يمارسها المحقق العدلي في ملف المرفأ.

♦ شهدت بيروت ومدن لبنانية عديدة العام الماضي تظاهرات ضد النخبة السياسية والنعرات الطائفية..

برايك لماذا تبدو هذه التركيبة عصية علي التغيير رغم مسئوليتها عن مشكلات لبنان؟

•• التحركات الشعبية في تشرين أول من العام 2019 كانت عفوية وشعبية،

ولكن بعض القوى السياسية الداخلية حاولت الاستثمار السياسي في الحراك،وحاولت القوى الخارجية أيضًا في توجيه الانتفاضة لتحقيق مصالحها

♦ تتعرض شرعية حزب الله في الداخل اللبناني لاختبار صعب؛

فلأول مرة تمنع جموع شعبية آليات تابعة للحزب من التوجه للحدود

وتسلمها للجيش اللبناني كيف تري هذا التطور وما هي احتمالات وقوع مواجهة بين الحزب وجيش الاحتلال قريبا؟

•• الخلاف على المقاومة تاريخي قبل حزب الله وبعده،

لأنّ قوى سياسية وطائفية عديدة غير مؤمنة بالصراع مع العدو،

وهي تعاملت معه في مرحلة الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982 لذلك فهي ما زالت معترضة على أي فعل مقاوم.

أما المواجهة بين الحزب والجيش الصهيوني  فهي مستبعدة تماما

♦ كيف تري مستقبل الأوضاع في لبنان في ظل هذه التطورات؟

•• مستقبل لبنان غامض وضبابي وغير واضح، لأنّ النظام السياسي الذي يتحكم في تفاصيل الحياة السياسية،

التي تنسحب على الأوضاع الاقتصادية،

هو نظام عقيم، ولّاد للمشكلات والأزمات التي لا تنتهي.

 

 

من د. أنور الخضري

مدير مركز الجزيرة للدراسات العربية بصنعاء - اليمن