الأمة| دفعت الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الخرطوم وعدة مدن سودانية، اليوم الخميس، رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء، عبدالله حمدوك، إلى الاجتماع في الوقت الحالي، لبحث تطورات الأوضاع بالبلاد.

يأتي هذا بعد دقائق مع إعلان وزارة الصحة، إصابة 35 شخصًا خلال المظاهرات التي كانت تطالب بالتحول الديمقراطي وتسليم السلطة إلى المدنيين.

من جانبها، أكدت لجنة أطباء السودان، أن قوات الشرطة استخدمت القوة والرصاص والغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين «الأبرياء» -على حد وصفها-.

«سلّم يا برهان»

وتحت شعارارت «الجيش جيش السودان، لا جيش البرهان»، «سلّم سلّم يابرهان»؛ خرج مئات الآلاف في مظاهرات غير مسبوقة جابت شوارع مدن العاصمة الثلاث أمدرمان والخرطوم وبحري، تطالب بنقل رئاسة المجلس السيادي من الجنرال العسكري عبدالفتاح البرهان إلى أحد المكونات المدنية.

مظاهرات مناهضة للجيش تطالب بانتقال السلطة إلى المدنيين في السودان - CNN  Arabic

ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها عبارات تطالب بفض الشراكة الحالية بين المكونين المدني والعسكري في الحكومة الانتقالية. كما رفع البعض الآخر شعارات تطالب بتحقيق السلام والعدالة.

ولم تقتصر التظاهرات على العاصمة الخرطوم، بل امتدت إلى مدن أخري، مثل «الأبيض»، في شمال كردفان و«مدني» بوسط السودان و«عطبرة» شمالي البلاد، و«كوستي» في الجنوب، بالإضافة إلى عدة مدن في ولايات دارفور مثل «الفاشر ونيالا وزالنحي».

مظاهرات في السودان 21 أكتوبر

وتأتي المظاهرات التي شهدتها البلاد، تلبية لدعوات أطلقتها أحزاب سياسية ونقابات مهنية مثل تجمع المهنيين السودانيين ولجان المقاومة.

وخلال اليوم، أصدر تجمع المهنيين السودانيين، بيانًا حث فيه المواطنين على المشاركة في التظاهرات، وقال: «نهيب بكل قطاعات المهنيين والقوى النقابية والثورية الحية في كل بقاع السودان الخروج للشوارع والمشاركة الفعالة في المواكب المليونية يوم الخميس 21 اكتوبر 2021»، وأضاف البيان: «نجدد موقفنا الثابت من السلطة الحالية، وهو عدم تمثيلها للثورة، بل وإبحارها عكس أماني الجماهير».

على الجانب الآخر، شهدت البلاد مسيرات مؤيده للجيش تطالب تفويض «البرهان»، وتخليص السودان من أزمة اقتصادية تعكسها نسبة تضخم خيالية تصل إلى 400 % في بلد غني بمناجم الذهب وبالأراضي الزراعية الخصبة وكانت دوما تسمى بـ«سلة غذاء إفريقيا».

والجمعة الماضية، كشف رئيس الحكومة بالسودان، عبد الله حمدوك، عن خارطة طريق لتجاوز الوضع السياسي الراهن، مؤكدًا أنها أخطر أزمة تهدد الانتقال المدني الديمقراطي بل وتهدد بلاده كلها وتنذر «بشر مستطير».

وقال حمدوك، مخاطبًا السودانيين: «تابعتم الأحداث الأخيرة في البلاد، والأزمة السياسية الحادة التي نعايشها الآن. لن أبالغ إذا قلت إنها أسوأ وأخطر أزمة تهدد الانتقال، بل وتهدد بلادنا كلها، وتنذر بشرٍ مُستطير»، ورأى أن جوهر الأزمة الحالية في السودان هو «تعذر الاتفاق على مشروع وطني متوافق عليه بين قوى الثورة والتغيير، يحقق أهداف الثورة وآمال السودانيين في الحرية والسلام والعدالة».

وأشار إلى أن «الصراع ليس بين المدنيين والعسكريين، وإنما بين معسكر الانتقال المدني الديمقراطي ومعسكر الانقلاب على الثورة»، كما شدد على أن موقفه الواضح هو «الانحياز الكامل للانتقال المدني الديمقراطي ولإكمال مهام الثورة».

وشهد السودان، في سبتمبر الماضي، محاولة انقلاب خططت لها جهات على علاقة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير، بحسب بيان صادر عن الحكومة، أعقبه إعلان تجمع المهنيين -أحد المكونات الرئيسية لقوى الحرية والتغيير- دعم التحول الديمقراطي وتفويت الفرصة على من وصفهم بـ«الانقلابيين وفلول النظام البائد»، كما طالب بقطع الطريق على كل من تسول له نفسه إجهاض الثورة، على حد البيان.

وعقب سقوط نظام البشير في أبريل 2019، دخل السودان مرحلة انتقالية منذ 21 أغسطس 2019، تستمر 53 شهرًا وتنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024.

ويتقاسم السلطة في المرحلة الانتقالية الجارية كل من الجيش وائتلاف قوى «إعلان الحرية والتغيير» -مدني- وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاقًا للسلام، في 3 أكتوبر الماضي.

 

من د. عبد اللطيف السيد

دكتور أصول الحديث