الإرهاب الفكري وهو نوع من أنواع الأيديولوجية التي تؤمن بعدم احترام الرأي الآخر وتسلبه حقه بحرية التعبير وحرية العقيدة،

وهو يحجر على العقول والحريات ويحرم عليها التعبير عن ذاتها بحجة أن هذا مخالف لثقافةٍ أو لمذهبٍ أو عقيدةٍ أو رأيٍ ما.

يحمل الإرهاب الفكري مفاهيم مثل التعصب والتطرف والتكفير. ويحمل عدم احترام التراث والتاريخ والحضارة.

ومن خلال متابعتي لتفاعل الكثير من الإسلاميين مع القضايا الخلافية التي تتصدر واقعنا كل يوم،

أرى تفشيا لظاهرة الإرهاب الفكري بيننا، بعد أن كنا ننكر بشدة على أعداء الإسلام الإرهاب الفكري، الذي يمارسونه علينا،

ولكن ما أنكره اليوم وأرصده بألم ومرارة،

ما أراه من إرهاب فكري وعدم تحمل للخلاف في وجهات النظر في أمور ليست عقدية ولا مفصلية،

بل قضايا تتحمل وجهات النظر المختلفة.

سياط النقد اللاذع

ولاحظت المرارة التي يشعر بها كثير من الإخوة عندما يطرحون وجهات نظرهم الحرة،

وهم غير متهمين عندنا جميعا لكن تجد سياط النقد اللاذع الذي قد يصل إلى السب أو التخوين.

وهذا واضح وجلي في قضايا قريبة مثل موقفنا من شهادة الشيخين حسان ويعقوب، فنجد وجهتي نظر،

وهذا أمر منطقي ومقبول، لكن الغريب رد فعل وتعليق البعض على الموقفين، فلم يسلم المهاجم ولا المدافع!

وكذلك الموقف من طالبان ومواقفها السياسية، بل تجد اضطرابا في المواقف من الإخوة المعلقين.

والشيخ علي عبد الظاهر يستعرض ذكرياته عن فترة السجون،

فإن ذكر بعض المواقف المشرفة والرحيمة من السجانين والضباط شن عليه الناقدون حربا شعواء،

وإن ذكر مساوئ البعض، اتهمه الآخرون بعدم الإنصاف فماذا يفعل الرجل وماذا نفعل؟

هل نعرض كل خواطرنا وأفكارنا أولا عليكم لأخذ الرأي والموافقة؟

وهل بهذا الإرهاب الفكري نستطيع أن نقدم خطة أو أطروحة لحل مشاكل الأمة دون خوف من نقد مبالغ فيه أو اتهام يصل للتخوين؟

فمتى ننضج كإسلاميين وتتسع صدورنا، ونتعامل مع الطرح بموضوعية بعيدا عن العاطفة والرأي المسبق؟

فمن يحب الإخوان مثلا لا يقبل بحال أي ناقد حتى وإن كان محقا، ومن يبغضهم لا يقبل كلمة خير في حقهم حتى وإن كانت صوابا!

وللأسف وصل الأمر ببعضنا أنه أصبح يخاف أن يظهر رأيه وفكره أمام إخوانه خوف اللوم والهجوم، فهل بهذا الحال نصل إلى حلول؟!

من د. إبراهيم عوض

أديب عربي ومفكِّر إسلامي مصري