هذه هي التحية التي اختلقها غلاة الأمازيغية وأوباشها، أو استقدموها من عهد بائد وبعيد، لتحل في لسان «الشلوح الكرام» محل كلمة «السلام عليكم».

وقد أتى ذلك في سياق سعيهم الحثيث والمتواصل لاقتلاع كل كلمات العربية من الشلحة، واستئصال ألفاظها، والتخلص حتى من بقايا رائحتها، وهو سعي محموم ومجنون وعنصري، ينبئ عن حقد أسود، وكراهية عمياء للغة الشريفة العربية، التي حوت الوحي الإلهي ، واختارها الله أن تكون خطابا للعالمين.

لكن هؤلاء الغلاة الحاقدين، ضاقوا ذرعا بها وبألفاظها، فدشنوا حملة رعناء للتمزيغ، وتخلصوا حتى من الكلمات الشرعية المحضة، كالسلام عليكم، التي تحمل معاني جميلة ونبيلة وإنسانية راقية، وتدل على سلوك حضاري رفيع، وخلق زكي، لكن ذلك كله لم يشفع لها في خضم جنونهم العنصري الأهوج، فاستبدلوها بما ذكرناه، وصاروا يقابلونك بها في أي لقاء، ويصفعون بها أذنك في كل مكان.

ولكي يزينوا هراءهم وعواءهم هذا، أعطوه تفسيرا غبيا ومزيفا لا يصدقه أحد، فزعموا أن ترجمة «أزول» هي: أسرع إلى القلب، وهو تفسير غير صحيح بالمرة. لأنه لكي يكون كذلك، عليهم أن يقولوا : «أزّلْ سْ وُولْ» أي أسرع إلى القلب، فما الذي جعل الكلمة التي اصطنعوها تحية لهم، مقصوصة الأطراف، محذوفة الأوساط ، منقوصة من ثلاث كلمات إلى واحدة.

هذا بغض النظر عن غباء معناها، وسطحيته واستحالته، فلا أحد يلتقي أحدا في أول وهلة فيدعوه إلى قلبه مباشرة.

وقد ذكرني هذا ما قرأته عند الألوسي، في مقارنة تحية الفرس القدماء مع تحية الإسلام إذ قال: (وكان الفرس يقولون في تحيتهم «هزار صال بماني» أي تعيش ألف سنة… ثم قال: وقد شرع الملك القدوس السلام تبارك وتعالى لأهل الإسلام بينهم «سلام عليكم» وكانت أولى من جميع تحيات الأمم التي منها ما هو محال وكذب نحو قولهم، تعيش ألف سنة «بلوغ الأرب /2/193» وهذا صحيح فإن أغلب التحايا مبناها على المجاملات، وغالبا لا تكون إلا كذبا أو محالا، وقولك لمن تلتقيه في المرة الأولى «أسرع إلى القلب» هو نوع من العبث اللفظي، لا يتحقق واقعا.

أما كلمة السلام، فهي دعاء للمُسَلَّمِ عليه بالسلامة من الشر والضر والسوء،سواء عرفته أو لم تعرفه ،سواء دخل قلبك أو خرج منه، والسلامة من الشر كله هي غاية كل حي عاقل.

والاشتغال بتغيير هذه الكلمة، والتلاعب بها خصلة يهودية قديمة،فحينا حرفوها فقالوا : «السام عليكم» ثم مسخت على ألسنتهم المعوجة، وفطرتهم الملتوية فصارت «شالوم» وحرموا خيرها وبركتها، وتحملوا شنعة القول إلى النهاية.

ومؤخرا نبتت نبتة غريبة وشاذة بين الشلوح الكرام، من أفراخ العلمانية، وأيتام الماركسية والإلحاد،يقودهم شخص مشبوه، ليس له مِن هم إلا الاستهزاء بالمقدسات، والنيل من الأحكام والشعائر،والتطاول على رموز الإسلام والبحث عن المطاعن في الدين،

فوصف الدين بأنه يدعو إلى الاستبداد، والحدود الشرعية بأنها وحشية ،وعادات وثنية،ووضع الصلاة والعمل في خطين منفصلين، وتهكم بأهل العلم، ووصف رسائل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها إرهابية..

ولا زال حبله على الجرار، منطلقا في نفث سمومه وضلاله، يجتر جهالات مكررة ،ويعيدها بصيَغَ مختلفة، في جراءة عمياء على الله ورسوله، معيدا سيرة الزنادقة الأولين كابن الرواندي وأشباهه، الذين امضوا أعمارهم الوسخة، وهم يؤلفون الكتب في الطعن في الإسلام وكتابه ورسوله، فانتهوا مدحورين بغيظهم وحسرتهم، ملعونين مخذولين في مصارعهم رد «كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم».

وقد شجع هذه النكرة المنفوخ فيها، أن ظهره محمي بمنظمات غريبة تحمي حرية القول إذا كان طعنا في الإسلام ، وتجرمه وتنفض يدها إذا كان في «إسرائيل» وأهوالها وجرائمها.

وأرخى له العنان وجود حكومة ضعيفة مستسلمة، تحاسب الأئمة، وتسكت العلماء، وتغلق المساجد، وتلتزم الصمت المريب عن مثل هذا الأحمق الأهوج الذي لم يوفر دينا ولا مقدسا ولا رمزا.

وعلى أية حال، فإن كلمة السلام عليكم ليست تحية عربية، لكي ندخلها في هذا الصراع العنصري البغيض، الذي يؤجج هؤلاء الأوباش نيرانه.. بل هي كلمة شرعية للمسلمين قاطبة. وإلا فإن للعرب في جاهليتهم تحايا خاصة،

من مثل قولهم «عم صباحا» و«عم مساء» و«اسلم كثيرا» و«أبيت اللعن» إلى غير ذلك.

لكن الإسلام ألغى كل ذلك، وأمر بهذه التحية المختارة، تكون عقد أمان، وعهد سلام بين الناس، وعنوانا على المشترك الإنساني، ووسيلة للتلاقي السمح، والقبول بالآخرين، وتخلوا من أي دلالة على عنصرية أو خصوصية أو امتياز.

إن العودة عن هذا الأفق الرحب، وترك هذا اللفظ العالي، للتنقيب بدوافع العرقيات المنتنة في مخلفات الماضي السحيق، هو ارتكاس إلى الوراء والضيق والقوقعة والانغلاق،«أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير».

إن الشلوح الأماجد لا يعرفون تحية إلا تحية الإسلام، ولا يرضون عنها بديلا .

ومحاولة هؤلاء الأوباش صدهم عن دينهم ولغة قرآنهم ، هي قفز في الفراغ وارتماء في أحضان الشيطان.

وعلى الشلوح حيث ما كانوا وأين ما كانوا السلام. ونجاهم الله من «أوزال» أي الحديد وبأسه، ومن «أزَوَلْ» أي الحَوَل، حتى يستطيعوا أن يعرفوا العقارب التي تسللت إلى مخادعهم، والطحالب العفنة التي حاولت تعكير مياههم.

ومن كان الغُرَابُ له دليلا ::: يَمُرّ بِهِ على جيَفِ الكِلابِ