د. فتحي أبو الورد يكتب: في واحة الصلاة على النبى 

ذاق طعم الإيمان من عاش فى رحاب الصلاة على رسول الله..

إنها واحة الراحة القلبية،

واحة الحب والشوق، واحة الطمأنينة وراحة البال، واحة زوال الهموم ونسيان الأحزان..

ففى الصلاة عليه حياة للقلوب،

وفى اتباعه محبة لله {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله} آل عمران 31،

وفى طاعته طاعة لله {من يطع الرسول فقد أطاع الله} النساء 80 .

جنة العابدين فى أحد مظاهرها الصلاة على  الرسول الكريم، ولذة السالكين فى جانب من جوانبها السلام على الهادى الأمين.

قال رجل: يا رسول الله، أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟

قال: (إذن يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك) رواه أحمد.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة» سنن الترمذى وصحيح ابن حبان .

ولذلك قال أبو حاتم من أصحاب الحديث -معقبا على هذا الخبر-: في هذا الخبر دليل على أن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في القيامة يكون أصحاب الحديث،

إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه صلى الله عليه وسلم منهم .

البخيل من ذكرت عنده، ثم لم يصل عليّ

والبخيل فى دنيا الناس من يمنع عن الناس خيره وفضله ويمسك عن الخلق جود يده،

وهو فى سنة النبى الأكرم من لا يصلى عليه حين يذكر أمامه قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(البخيل من ذكرت عنده، ثم لم يصل عليّ)  رواه أحمد .

وإذا لم تجد قلبك عند الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتمس لك قلبا فإنه لا قلب لك .

وفى فضل الصلاة على النبى جاء قوله صلى الله عليه وسلم :

(من صلى علي صلاة واحدة، صلى الله عليه عشر صلوات، وحط عنه عشر خطيئات) رواه أحمد وابن أبى شيبة

وقد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:

«من صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى علي، فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر»  رواه أحمد .

وفى تفسير صلاة الرب وصلاة الملائكة قال سفيان الثوري وغيره من أهل العلم : صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار وصلاة العباد الدعاء .

وإذا كانت قلوب الموحدين دواؤها فى الصلاة عليه،

فتعسًا لنفوس تشعر بـ(القرف) عندما تذكر بالصلاة عليه،

وإذا كانت صدور المهتدين شفاؤها فى إحياء سنته واتباع هديه فبعدًا لمخلوقات تستعلى على تعاليمه، وتحتقر هديه.

لقد جاءنا من سير الأولين، أنهم كانوا يهيمون حبًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويذوبون تمسكًا بهديه واقتفاء لأثره.

هذا مجنون

قال نافع : (لو نظرت إلى ابن عمر رضي الله تعالى عنه إذا اتبع أثر النبي صلى الله عليه وسلم لقلت: هذا مجنون) حلية الأولياء .

وذكر نافع، عن ابن عمر، أنه كان في طريق مكة يأخذ برأس راحلته يثنيها ويقول: «لعل خفا يقع على خف» يعني خف راحلة النبي صلى الله عليه وسلم . حلية الأولياء .

وكان أنس بن مالك  يأكل القرع  ويقول: يا لك من شجرة! ما أحبك إلا لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .سنن الترمذى .

وشهد أبو سفيان يوم كان على شركه فقال: والله ما رأيت أحدا يحبّ أحدا كحبّ أصحاب محمد محمدا.

وقد خرج عمر- رضي الله تعالى عنه- ليلة يحرس النّاس فرأى مصباحا في بيت، وإذا عجوز تنفش صوفا، وهي تقول:

على محمد صلاة الأبــرار     …   صلّى عليه الطّيبون الأخيار

قد كنت قوّاما بكاء بالأسحار …  يا ليت شعري والمنايا أطوار

هل تجمعنّي وحبيبي الدّار

تعني النبي- صلى الله عليه وسلّم- فجلس عمر- رضي الله تعالى عنه- يبكي.

صلى عليك الله يا سيدى يا رسول الله ..

يا خَيرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً *** مِن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا