في أواخر عام ٢٠١٧م شاركت في لقاء وورشة عمل أقامها المعهد المصري للدراسات في مقره باسطنبول وبحضور عدد من قيادات حركة الإخوان المسلمين من مصر والكويت وفلسطين وغيرهم من السياسيين والإعلاميين والباحثين العرب وكان الحوار يدور حول قضايا المنطقة وأحداثها وبعد انتهاء الجلسة الأولى وقبيل بدء الثانية بادر مدير اللقاء ومدير المعهد بطرح سؤال على الجميع وطلب رأيهم (ما الموقف المطلوب منا في حال ضرب أمريكا وإسرائيل لإيران وحزب الله؟)، وكانت أيامها حملة إعلامية شديدة وتهديد بضرب إيران وحزب الله من قبل أمريكا وإسرائيل، وأدركت بأن مدار اللقاء – الذي بدا اعتياديا بحضور استثنائي – هو حول هذه القضية بالذات وذكرت في جوابي كما أذكر (بأنه للأسف يراد تأهيل النظام الإيراني من جديد ومحاولة رص الصفوف خلفه لمواجهة خطر الحرب عليه بالرغم من أنه مستمر في حربه على الشعبين العراقي والسوري إلى هذه اللحظة ولا زالت مليشياته ومليشيات حزب الله الطائفية ترتكب الجرائم والمجازر في سوريا والعراق) وختمت بالقول (بأنه إذا قامت حرب بين أمريكا والنظام الإيراني فالأمة وشعوبها لن تقف لا في الخندق الصليبي ولا في الخندق الصفوي فكلاهما عدو يواجهانها في كل الساحات وفق تحالفات وتفاهمات بينهم)، وهنا تغير المزاج العام في اللقاء وغادر البعض لما أدركوا بفشل المهمة!

 

أسرد هذا الموقف والحدث الذي عايشته قبل سنوات ليدرك أبعاد القضية وخطورتها كل من لم يفهم أبعاد منشوري السابق حول ملامح الاختراق الإيراني للمعارضة المصرية ومراكزها البحثية والذي جاء تعليقا على وصف الباحث المصري محمد إلهامي لإيران بأنها من قلاع مواجهة العدو!

 

فإيران بمشروعها الصفوي عملت منذ عقود على اختراق المنطقة العربية وقواها الإسلامية والقومية بكل وسيلة ممكنة، كحماية حزب الله للمؤتمر القومي الإسلامي في بيروت، واحتوائها لحركات المقاومة الإسلامية في فلسطين!

 

وبعد انقلاب السيسي وانتقال المعارضة المصرية الإسلامية إلى اسطنبول استغلت إيران الحصار المفروض على المعارضة المصرية، كما استغلت من قبل حصار الساحة الفلسطينية، لاحتواء هذه القوى وبترتيب إقليمي ودولي لتوظيفها وضبطها ضمن قواعد اللعبة في المنطقة كما فعلوا مع القوى الفلسطينية من قبل لينتهي دورها في ضبط قطاع غزة وتقسيم المقاومة الفلسطينية لتصبح أدوات ضمن المشروع الصفوي برعاية النظام الدولي!

 

فالاختراق هنا يأتي في سياق عام وضمن ترتيبات دولية للمشهد في العالم العربي، وليس بالضرورة أن قيام الباحثين والكتاب بدور مباشر ضمن الاختراق الإيراني وإنما يكتفي منهم ما يكتبون من مقالات وأبحاث وتغريدات داعمة لإيران فهذا أقل ما يهدف إليه الاختراق!

 

كما أن إيران لا تقدم دعمها وتمويلها بشكل مباشر وإنما يكفيها بذلك أدواتها في المنطقة من حركات المقاومة الإسلامية والتي اعتبرتها إيران رسميا من أذرعة مشروعها في العالم العربي!

 

فإلى الإخوة الذي عاتبوا ولم يدركوا الصورة الكاملة للمشهد، فالقضية ليست قضية مركز أو باحث أو كاتب أو منشور هنا أو هناك بل حملة إعلامية منظمة من غزة إلى بغداد واسطنبول لتأهيل إيران من جديد تحت شعار المقاومة والقدس، ولن تتوان القوى الدولية والإقليمية عن استخدام كل الأدوات لاختراق كل الساحات، وقد شاهدنا ذلك في كل ساحات الثورة في مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا، فلِم يستنكر اليوم الاختراق الإيراني للساحة المصرية سواء المباشر أو غير المباشر من خلال دول خليجية وقوى إسلامية معروف تحالفها مع النظام الإيراني، فلا نريد أن يؤبن سليماني في القاهرة كما أؤبن في بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت وغزة على أشلاء ودماء شعبي العراق وسوريا!

 

‏ (لا يُلْدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين)

من أحمد القطان

داعية كويتي