طوي حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية صفحة الأزمة التي أندلعت عقب ادراج رئيسه السابق الدكتور طارق الزمر في قوائم الإرهاب التي اعلنت مصر وثلاثة من دول الخليج عقب قطع علاقاتها مع قطر بعد انتخاب القيادي البارز في الجماعة وعضو الهيئة العليال للحزب وأمين القاهرة محمد تيسير رئيسا جديدا للحزب .

 

رسائل عديدة سعي الحزب لتوصيلها من وراء انتخاب الشيخ محمد تيسير رئيسا للحزب حيث اعتبر  الكثير من المراقبين أن فوز تيسير هي رسالة تهدئه مع مؤسسات الدولة عبر اختيار شخصية غير صدامية لم تتورط في الإدلاء بتصريحات معادية للدولة المصرية ولا النظام الحاكم ولم يرتبط بعلاقة مستفزة مع القوي السياسية سواء المحسوبة علي ثورة الخامس والعشرين من يناير .

 

وتخلو صفحة تيسير  الذي كان من أبرز رموز الجماعة في منطقة عين شمس التي شهدت جوالات صراع بين الدولة والجماعة في تسعينات القرن الماضي وتحديد أمام مسجد أدم الشهير من أي تحريض علي العنف ضد الدولة وبل ومن صدور اي عقوبات قضائية ضده رغم وجوده داخل الأسوار لأكثر من 15عاما “اعتقال “فضلا عن دعمه الشديدة لمبادرة وقف العنف خلال وجوده في سجن الوادي الجديد .

 

شخصية تيسير المتزنة  وبعده عن الصدام كان بحسب أعضاء الجمعية العمومية لحزب البناء والتنمية من أبرز السمات التي رجحت كفة تيسير لخلافة الزمر في منصبه حيث يمكن ان يشكل وجود تيسير في منصبه طوق نجاة ينقذ الحزب من مقصلة دعوي الحل التي يتعرض لها وستنظرها المحكمة الإدارية العليا في الواحد والعشرين من أكتوبر القادم.

 

وسيشكل وجود تيسير-البالغ من العمر 60عاما – علي سدة الحزب سبيلا مهما لفتح قناة للحوار بين الحزب ومؤسسات الدولة بشكل قد يفكك كثيرا من الأزمات التي تحكم العلاقة بين الطرفين ويوقف حملات التحريض التي يتعرض لها الحزب ويتصدي للاتهامات له بدعم الإرهاب والتطرف .

 

في نفس السياق شهدت الساعات التي سبقت اعلان فوز تيسير عددامن التطورات اللافتة حيث قدم الدكتور نصر عبدالسلام القائم بأعمال رئيس الحزب اعتذارا عن خوض انتخابات رئاسة الحزب لاسباب شخصية وهو ما جعل الشيخ محمد تيسير هو المرشح الوحيد لرئاسة الحزب وامن له الفوز بالانتخابات بنسبة 98%من الجمعية العمومية لحزب الجماعة الإسلامية .

 

وكان لافتا قيام عدد كبير من أعضاء الحزب وأعضاء مجلس شوري الجماعة الإسلامية بتزكية ترشيح تيسير وهو تقليد معمول به في الجماعة منذ أول انتخابات ديمقراطية شهدتها في 2011وهو ما قدم إشارة جيدة علي مدي الدعم والتوافق الذي يحظي به عضو الهيئة العليا والرئيس الجديد المنتخب للحزب.

 

وتشكل النسبة التي حصل عليها القيادي البارز في الجماعة الإسلامية للفوز برئاسة الحزب  تأكيد علي وجود توافق داخل ا”البناء والتنمية ”  للتوافق مع الدولة والابتعاد عن الصدام والعمل علي انقاذ سفينة الحزب من الغرق فضلا عن اعلاء المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار وهو ما يتبنه الرئيس المنتخب للحزب خلال السنوات الثلاث الماضية .

 

ودعم العديد من قيادات الجماعة الإسلامية والحزب لترشح الشيخ محمد تيسير لرئاسة الحزب كرس حالة  الإجماع التي يحظي بها داخل أروقة الحزب وقدم اشارة مهمة للتعويل  عليه لحلحلة عدد كبير من الملفات مع أجهزة الدولة ومنها ملف القيادات الموجودة داخل السجون مثل المهندس مصطفي حمزة عضو مجلس شوري الجماعة والدكتور صفوت عبدالغني رئيس المكتب السياسي للبناء والتنمية وعلاء ابو النصر الأمين العام السابق للحزب .

 

من جانبه ثمن الشيخ عبود الزمر عضو مجلس شوري الجماعة الإسلامية اختيار الشيخ محمد تيسير لرئاسة الحزب مؤكدا أن تيسير يتمتع بخبرات إدارية لافتة فقد شغل منصب أمين الحزب بالقاهرة وعضو الهيئة العليا للحزب فضلا عن دوره السابق في دعم مبادرة وقف العنف التي أطلقتها الجماعة الإسلامية عام 1997فضلا عن ارائه السياسية المتزنة وتفضيلها للتوافق وبعده عن المواجهة بشكلب يجعله قادرا علي تجاوز عديد من المشكلات التي تجابه الحزب .

 

ومضي الزمر قائلا يتمتع تيسير بعلاقة ممتازة مع كافة الأحزاب والقوي السياسية الموجودة في المشهد السياسي فضلا عن شبكة علاقات اجتماعية ممتازة تجعله قادرا مع إخوانه علي تقديم تسويات جيدة لكل المشكلات التي يعاني منها الحزب والساحة السياسية بشكل عام.

 

وبدا الزمر واثقا من قدرة تيسير علي ان يشكل أضافة جيدة للحزب فهو من نفس مدرسة الاتزان السياسي التي قادها الراحل الدكتور عصام دربالة مشددا علي أن عدم وجود تصريحات عدائية لتيسير ضد أحد توفر له وللحزب امكانية جديدة للافلات من سيف الحل ولعب دور مهم في المشهد السياسي يصب في صالح الوطن والمواطن .

 

من د. أنور الخضري

مدير مركز الجزيرة للدراسات العربية بصنعاء - اليمن