الضفة الفلسطينية تنتفض. انتفضت جنين وأحبطت هجوما إسرائيليا مباغتا، وتنتفض رام الله. مقاتلان فلسطينيان يقتلان أربعة مستوطنين ويصيبان آخرين في مدخل مستوطنة (عيلي) بين نابلس ورام الله. كانت عملية (عيلي) ناجحة بالمفهوم العسكري، وناجحة أيضا بالمفهوم السياسي.

المواطن الفلسطيني يرفض الاستيطان، ويرفض سيطرة المستوطنين على أرضه، ويرفض العيش تحت سطوة المستوطنين وعربدتهم، وهو في الوقت نفسه يرفض سياسة السلطة التي تطارد المقاومين وتشل حركتهم وأعمالهم. المواطن الفلسطيني أعطى السلطة فرصة زمنية ممتدة لمعالجة الاحتلال والاستيطان، وبناء دولة وسيادة، ومواجهة عدوان الجيش والمستوطنين. السلطة للأسف لم تفعل شيئا مما هو مطلوب منها وطنيا، وبناء على ما تقدم قرر المواطن مواجهة العدوان والاستيطان بنفسه.

جنين انتفضت في مناسبات متعددة، ونابلس وسعت الانتفاضة، وها هي رام الله تنافس المدينتين، وتعلن بدء مسيرة العودة المكثفة والحقيقية للمقاومة. هذا التحدي الفردي والجماعي للاحتلال والاستيطان لن يتراجع ولن يتوقف لأن (غالانت) يهدد بعملية سور واقي (٢).

إنه إذا كانت عملية سور واقي (١) قد فشلت وإن جلبت للاحتلال فرصة توقف محدود زمنيا عن المقاومة، فإن عملية سور واقي جديدة لن تجلب أدنى توقف عن المقاومة، بل ستبعث الثورة والمقاومة في أرجاء الضفة، وبين أبناء الجيل الجديد.

رام الله، وجنين، ونابلس، وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية تقوم بالواجب الذي فشلت في القيام به سلطة محمود عباس. ومن يقوم بواجب الوطن اختيار وقناعة لا توقفه عمليات الاحتلال الجديدة وتهديدات غالانت، بل إن كل عملية اجتياح واسعة النطاق تخلق فرصا أوسع للمقاومة، ولتحريك المجتمع الدولي لفرض حلّ على المحتل، حلّ تزال به المستوطنات التي تخنق المدن الفلسطينيين، وتهدد حياة المواطنين، وتحبس عنهم هواء الحرية والحركة في مدنهم وقراهم ومزارعهم وقطاف زيتونهم.

رام الله قالت كلمة الضفة، وكلمة غزة، بل وكلمة فلسطين، قالت للعدو: يوم لك ويوم عليك، والمعارك سجال، فلا نامت أعين الجبناء.

نحن نبحث عن الحرية وسنصل لها بعزّ عزيز أو بذل ذليل، مقاومة يعزّ بها الله من يشاء، ويذل بها من يشاء من الأعداء والمستوطنين، ورحم الله الشهداء.

من د. عماد نصار

مدير‏ مركز لسان العرب لخدمات اللغة العربية‏