بعد (٧٣) سنة يكشف المؤرخ اليهودي من أصول عراقية (آفي شلايم)  في كتابه الجديد: (ثلاثة عوالم: مذكرات عربي يهودي) أن عملاء صهاينة من جهاز الموساد الإسرائيلي هم من خططوا ونفذوا التفجيرات في بغداد التي استهدفت الأقلية اليهودية العراقية في عامي ١٩٥٠و١٩٥١م.

والسبب هو العمل على جلب اليهود من شتى أنحاء الأرض إلى فلسطين المحتلة بأي ثمن، فإذا شعر اليهودي العراقي بأنه لا أمن له في العراق انتقل إلى فلسطين المحتلة، وكان جل اليهود العراقيين حينئذ يرفضون الهجرة لفلسطين، وقال شلايم إن أسرته واحدة من الأسر التي اضطرت لترك العراق والانتقال لفلسطين المحتلة لهذا السبب.

كان شلايم بحسب مذكراته ابنا لأسرة ميسورة في العراق، وكان والده رجل أعمال ثري، له كل الحقوق التي للعراقي المسلم، ولما انتقل إلى فلسطين المحتلة  كمستوطن تبدل حاله، وفشلت تجارته، وهنا يقول شلايم: المشروع الصهيوني وجه ضربة قاتلة للمكانة التي كان يتمتع بها اليهود في العالم العربي”. انتهي كلام شلايم من مذكراته.

اعترافات المؤرخ العراقي اليهودي تكشف عن قبح الصهيونية وخبثها، وخططها العدوانية لا ضد الفلسطينيين وحسب، بل وضد اليهود أنفسهم. وهذا الاعتراف ليس جديدا بل هو معلوم بالتواتر عند المؤرخين العرب، فقد ذكر عبد الوهاب المسيري الذي تخصص في الصهيونية، وله موسوعة من مجلدات متعددة: أن سفلة اليهود هم من صنعوا الصهيونية وقادوا الحركة، وهاجموا اليهود الذين يعيشون حياة مستقره في البلاد العربية والغربية والشرقية لإجبارهم على الهجرة إلى فلسطين.

إن من هاجر لفلسطين كانوا أشرار اليهود وفسدتهم، وهؤلاء استخدموا كل الوسائل الخبيثة لإجبار غيرهم للهجرة، ومن وسائلهم الخبيثة التفجيرات القاتلة، ونسبتها للعرب بدافع الكراهية، وهذا ما ينفيه المؤرخ اليهودي شلايم عن العرب بعد (٧٣) سنة، وقيمة نفيه لا تأتي من النفي ذاته، بل من كونه يهودي عراقي مقيم في فلسطين المحتلة، وعاش مع أسرته هذه الحقبة،  هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى له قيمة إضافية لنا كفلسطينيين حين نحذر القادة العرب، والمواطنين العرب من خبث الصهيونية، وأساليبها القذرة.

 قادة الصهيونية لن يصدقوا في علاقتهم مع القادة المطبيعين، بل هم سيتخذون من التطبيع سبيلا لنشر كل رذيلة بين العرب، ومنها العمالة والخيانة، ومنها التفجيرات التي تخدم المصالح الصهيونية حين تكون التفجيرات أداة صالحة لذلك.

إن لمذكرات شلايم واعترافاته قيمة تاريخية تؤكد معلومات موجودة لدينا، وقيمة تحكي المستقبل المنظور لمن يتورطون في التطبيع مع أراذل اليهود وأسوئهم كما يصفهم يهود آخرون، ممن هم باقون في بلادهم في أميركا ودول الغرب.

من د. عماد نصار

مدير‏ مركز لسان العرب لخدمات اللغة العربية‏