ما يعلمه مجتمع غزة وغيره عن الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة قليل، بل قليل جدا، وذلك يرجع لقلة ما نشر، أو سمح به للنشر عن هذه الغرفة.

ومن القليل الذي عرفناه مؤخرا أن غرفة العمليات المشتركة شكلت مركزا قياديا، وتشاوريا، لمعركة ثأر الأحرار، التي خاضتها سرايا القدس تحت غطاء الغرفة المشتركة ومساعدة الأخرين، وأن هذه الغرفة تمكنت من إفشال مخطط العدو لتمزيق تفاهمات الفصائل ووحدة النيران بينها، حيث أسقطت الغرفة قاعدة ( فرق تسد) التي خطط لها العدو مع الصاروخ الأول الذي قتل به ثلاثة من قادة السرايا بغتة، وهم نيام بين أطفالهم.

قلنا إن ما نعلمه عن الغرفة قليل، وبالأمس صرح أحد قادة المقاومة أن الغرفة قدمت نموذجا جيدا للعمل المشترك، والعمل الوحدوي، وأن هذا النموذج قابل للتطوير باتجاه العمل الوحدوي بشكل أفضل، ونظام عمل حاكم يجمع الجميع، ويلبي مطالب شعبية عريضة.

وإذا كانت الغرفة قد تمكنت من جمع أربعين حالة مقاومة في عشر فصائل رئيسة حسب تصريحه، وهي تسعى لمزيد من الدمج والتوحيد، فهذا يعني أن هناك هدف أكبر تسعى له الغرفة المشتركة، للرد على العدو، وإفشال قاعدته الاستعمارية فرق تسد.

من المعلوم أن الجمهور لا يبحث عن أسرار عمل الغرفة المشتركة، ولا عن بنيتها الهيكلية، ولا عن القواعد العسكرية والسياسية الناظمة لعملها، ولكنه يبحث عن حجم التقدم السنوي باتجاه القيادة الموحدة للعمل المقاوم، باعتبار أن العدو يعمل ضد ذلك، وباعتبار أن المواطن الفلسطيني يكون أكثر اطمئنانا كلما تقدم العمل المقاوم المشترك نحو التوحد.

يبدو أن معركة ثأر الأحرار قد أديرت بصمت، وذكاء، عبر إستراتيجية عمل جمعت بين المصالح والرغبة في الانتقام، وعدم الانزلاق لمعركة مفتوحه هندس فصولها العدو بشكل مسبق.

إذا كان التقييم المجتمعي يعلن عن حالة رضا شعبي عن إستراتيجية الغرفة المشتركة في المعركة الأخيرة بحسب استطلاعات الرأي، فإن الواجب على المقاومة المحافظة على حالة الرضا هذه، وتعزيزها بتطوير المساحات المشتركة بين عمل الفصائل، ووحدة الساحات، ومقاومة حالات التنازع وحالات التراجع، التي تتغذى من حالات النفس الأمارة بالسوء والحسد.

يبدو والله أعلم أن الغرفة المشتركة لم تقف عند كونها عنوانا يدغدغ المشاعر، بل تقدمت نحو حالة تفاعل عملي يستجيب لضرورة الواقع، ولمصالح المواطنين والفصائل، وإذا كان هذا القول صحيحا فإن العدو خسر الجولة الأخيرة من القتال، وإن تمكن من قتل بعض القادة. فهل هذا الاستنتاج واقعي وصحيح؟!

من د. عماد نصار

مدير‏ مركز لسان العرب لخدمات اللغة العربية‏