أدرك يا بن عيسى وأدرك من قبله يا بن منتصر.. امرأة مصرية دهمتكم في حصونكم، وبددت جهودكم، وخيبت أملكم، وأثبتت للعالم كله أن المرأة المسلمة المحجبة بل والمنتقبة يمكن أن تبز الدنيا كلها علما وإبداعا وعبقرية، امرأة منتقبة أعلنت للدنيا أن النقاب لا يمكن أبدا أن يكون حجابا للعقل، وحجابا للنور، بل يمكن أن يكون العقل الذي يتخفى وراءه، من أبهر العلوم التي يتحاكى عنها العالم اليوم.

الدكتورة فاتن عبد السلام، من قرية ميت جراح بمدينة المنصورة، حصلت على جائزة التميز في اليابان، كأفضل رسالة دكتوراه متعلقة بالهندسة الوراثية من جامعة طوكيو.. وجاءت رسالتها حول «استبدال الكيماويات التي تضر السلسلة الغذائية وصحة الإنسان بمادة أخرى غير مضرة»

 سبب حصولها على جائزة التميز وذلك لمقارنتها تأثير بعض الكيماويات وبين تلك المادة التي صنعتها إضافة إلى أنها تعمل في الوقت الحالي على تقنية تعديل الجينات

اليابان العظيمة التي تفوقنا بأزمان شاسعة في دنيا التطور والنهوض الحضاري، لم تطرد الباحثة المصرية من جامعاتها بسبب نقابها، ولم تصدق أو تقول بما يتقول به جهلة مصر من بني علمان: إن الحجاب أو النقاب حجاب للعقل وضد العلم وهذا الهراء والخراء الذي يتغوطه أمثال هؤلاء الجهلة على حد تعبير صديقي الكاتب الباهر خالد الأصور.

هل يمكن للعقلاء اليوم أمام هذا النبأ الذي تهتز له دنيا العلم، أن يعتبروه تفوقا وإضافة وزينة للمرأة المصرية، فيقلبوا لها الدنيا حفاوة وتقديرا؟

أعتقد أن ذلك لن يحدث بسبب نقابها، الذي يسبب لهم حساسية مفرطة، فيتحولون كالجُرباء الذين يخمشون أجسادهم هرشا وقرصا وتجريحا حينما يرون منتقبة.

بل من المبهر أكثر وأكثر.. أن عمر السيدة التي حققت هذا الإنجاز 27 سنة، وذلك يعني أنها عبقرية.

بل المدهش أكثر وأكثر أنها لم تعتمد في دراستها على منحة من الدولة أو بعثة تعليمية، وإنما كان إصرارها المهول فتحملت بذاتها تكاليف الدراسة والرسالة.

وهذه السيدة لا تتميز بروح العبقرية والتفتق العلمي وحده، بل إنها على المستوى الشخصي الذاتي، تتميز بقوة الإرادة وصلابة التحدي أمام كثير من المشكلات والعوائق، وهو ما ظهر وتجلى عبر رحتها لهذا الفخر المشهود تقول فيما صرحت به عبر بعض الوسائل الإعلامية: وفي البداية حصلت على المنحة المميزة، والتي تعد من المنح الصعبة وبذلت مجهود كبير للحصول عليها، ولكن كان لزاما عليها أن تسافر في «السيمستر» الذي يلي حصولها للمنحة مباشرة، وبالتالي لن تستطيع السفر في هذا التوقيت لأنها لن تستطيع السفر وترك ابنها الرضيع وحيدا.

وأشارت إلى أنها اضطرت لدعم السفر وضاعت منها المنحة، وانتظرت بعد إتمام ابنها عامين إلا شهر، وخلال هذه الفترة بحثت عن منحة أخرى لكن لم تستطع لأن تجهيزات المنح تستغرق وقتا طويلا، فقررت السفر دون منحة وكانت خطوة صعبة للغاية للبنات.

من حق مصر والمصريين إذن أن يفتخروا بهذا النموذج وأن يترقى أسمى المراتب، وتهتم به الدولة والمسؤولين، حتى يكون نواة تقدم لوطننا.

وأنت أيها القارئ المبغض للنقاب اعلم أنني لا أدعوا له ولا أروج لارتادائه، بقدر ما أندد بهؤلاء المهرجين الذي يحاولون أن يصوروا لنا أي مظهر إسلامي بأنه مبعث التأخر وظلامية العقل والتفوق.

اخرج معي أيها القارئ من إشكالية النقاب وعقدتك نحو النقاب، وطالب معي بتكريم هذه السيدة المصرية التي تستحق التكريم والتميز والإشادة حينما جعلت مصر كلها تفخر بنسائها.

اليابان العظيمة

لم تنظر للدين والجنس واللون، وإنما نظرت للعقل والموهبة والعبقرية، ويوم أن نكون كاليابان ونؤمن بالحرية الشخصية للإنسان، فلا شك أننا سنكون قد درجنا أولى خطوات التقدم والرقي، ولكن دعاة الظلام شغلوا أنفسهم بمحاربة الفكر والدين والعقل، وأغرقوا البلاد والعباد معهم في ظلام وجهل وتأخر.. فإذا أردت أن تحدد مصدر الظلام الحقيقي، فليس هو الإسلام ولا النقاب ولا الإسلام، ولكنه العلمانيون الجهلة الذين يتآمرون على عقيدة الشعب وهوية البلاد، لقد كان تميز الباحثة المنتقبة لا شك ضربة في مقتل غصت لها قلوب هؤلاء المردة المرجفين. 

دعوني أسائل هذا الفيلسوف المستنور: قل لي بالله عليك: ما تعليقك على الخبر؟

إنني متشوق أن أرى لك تعليقا عليه.

فلعل اليابان رغم تفوقا العلمي لم يظهر لها بعد ذلك الكشف العلمي الذي اخترعته أنت وسبقت إليه في دنيا العلم من أن النقاب حجَّاب للعقل، ويا ليتك تفعل مثلما فعلت المرأة المصرية، فتنال من العلم ربعها أو نصفها أو شيئا يسيرا من تميزها وعبقريتها التي أعلنتها طوكيو على العالم.. لكنك لا تفلح إلا في الجهالة والخيبة وكل ما يدعو للتأخر والتقهقر.