في العام الماضي، أصدرت مؤسسة ضحايا الشيوعية التذكارية (VOC) تقريرًا رائعًا بعنوان «ملفات شرطة شينجيانغ» استنادًا إلى وثائق داخلية مسربة من شبكة الشرطة الصينية.

 في عملية البحث عن معلومات عن أصدقائي وأقاربي في هذا التقرير لمدة عام، لفتت انتباهي نقطة واحدة: غرابة أسباب الاعتقال.

 شهدت الإنسانية العديد من الفظائع في المجالين السياسي والقانوني، سواء على الورق أو في الممارسة العملية، لكنها لم تشهد قط جرائم غريبة مثل تلك المدرجة في الملفات.

فيما يلي بعض المقتطفات من الأرشيف:

علي جمعة، 28 سنة، سبب الاعتقال: من أفراد عائلة أولئك الذين لا يُسمح لهم بمغادرة البلاد.. لماذا تمنع دولة ما شخصًا من السفر إلى الخارج؟ هل يمكن أن يكون ذلك بسبب الديون التي من شأنها أن تسبب مشاكل، أو لأن مظهر الشخص أو أقواله ستكشف أسرار البلد القذرة؟ أود أن أقول إن السبب الأخير صحيح. الترجمة المنطقية «للعائلات التي لا يُسمح لها بالسفر إلى الخارج» هي أفراد عائلات ضحايا أو شهود أو متمردين ضد الإبادة الجماعية للأويغور. ميزة أخرى غريبة في هذه القضية هي أن علي جمعة ماذا تعني عبارة «الأشخاص غير أهل للثقة»؟ لا توجد إجابة في الوثيقة.

عبد الغني فاضل، 25 سنة، سبب الاعتقال: من الأشخاص «غير أهل للثقة».

ماذا تعني عبارة «الأشخاص غير أهل للثقة»؟ لا توجد إجابة في الوثيقة.

ومع ذلك، هناك تفسير موجز في تقرير صادر عن إذاعة آسيا الحرة لحالة مماثلة: »أولئك الذين ولدوا في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات يُعتبرون أجيالًا خطرة.» استشهد رئيس أمن القرية من التعليمات التي تلقاها وتابع: “لم يشهدوا العواصف السياسية، مثل الأجيال التي سبقتهم؛ وهم لا يقدرون الحزب والدولة كثيرًا، وهم جريئون وشجعان في إحداث اضطرابات في المجتمع”. ما هو مصطلح مجموعة معينة يتم استهدافها للقضاء عليها؟ إبادة جماعية!

عزيز ياسين، 32 سنة، سبب الاعتقال: «في يونيو 2012، درس المشتبه فيه عزيز ياسين الكتب الدينية بشكل غير قانوني من كريم ياسين (شقيقه المتوفي) لمدة 3 أيام» كل من ولد ونشأ في أسرة تنتمي إلى دين معين، سواء كانوا بوذيين أو مسيحيين أو مسلمين، يأخذون دروسًا دينية عادةً لبضعة أيام على الأقل أو بضع ساعات طوال حياتهم.

 يظهر سبب الاعتقال أن الهدف هو القضاء على الهوية الدينية، وهو أمر لا يمكن التسامح معه. نفس المنطق تم تأكيده في وثيقة رسمية أخرى تنص على أن الإسلام «مرض عقلي» وأنه يجب تطهير وعلاج الشخص المصاب به. ما هي الكلمة التي يجب أن نستخدمها للاستئصال القسري للهوية الدينية؟ «الاستيعاب القسري»؟ أم شيء أسوأ؟

رابيغول عبد الولي، 31 سنة، سبب الاعتقال: استنادًا إلى القاعدة التي تنص على أنه “يجب اعتقال كل من يحتاج إلى الاعتقال”. يبدو هذا أكثر غرابة، خاصة في بلد يستمر في إخبار المجتمع الدولي بأنه يحترم سيادة القانون. يشير النص الفرعي إلى أنه قد يتم اعتقال جميع الأويغور لمجرد كونهم أويغور.

عزيز إبراهيم، 33 سنة، أحد أسباب الاعتقال: في عام 2012، عندما تزوج، لم يعزف الأغاني في زواجه. كان هناك سبب لذلك، بعد حملات القمع في المنطقة، فقدت المجتمعات المحلية العديد من أصدقائها وأقاربها ولم تتمكن من تنظيم جنازات لهم. وهكذا، قرروا التوقف عن الغناء والرقص لبعض الوقت، بما في ذلك في حفلات الزفاف، لتقديم احترامهم لأبطالهم. حقيقة أن مثل هذا الوعي الذي ظهر بين الأويغور كان يعتبر جريمة.

حسين محمد، 51 سنة، من أسباب الاعتقال: أنه لم يذهب إلى الجنازات (ولا إلى الأعراس). كما أفادت الأنباء أن أحد القرويين اعتقل لأنه لم يحضر مراسم الدفن عندما توفت والدته، مما أثار الاشتباه بهم كمتطرفين دينيين. في العقود الأخيرة، وجدت بعض المجموعات من الأويغور أنه من الأفضل التبرع بالمال للآخرين بدلاً من عقد احتفال، وتعتبره السلطات الصينية علامة على “التطرف”. وهكذا، تطور الوضع إلى درجة أصبح فيها الأويغور لا يستطيعون الضحك والبكاء إلا بإذن من الدولة.

والقائمة تطول وتطول. يمكننا أن نذكر أكثر من مائة فئة من هذه الأسباب الغريبة للاحتجاز، وآلاف المعتقلين في كل فئة.

تعكس قضيتي عزيز إبراهيم وحسين محمد، حيث تم اعتقال أحدهما لعدم الضحك والاحتفال والآخر لعدم البكاء، القصة التالية.

كان هناك طالب كان متنمرًا في جامعته، وكان يحب تدريب الطلاب الجدد في المدرسة. دخل إلى سكن طلاب السنة الأولى وسأل، «ماذا تناولت على الغداء اليوم؟» قال أحد الطلاب «الزلابية». «لماذا لم تأكل المعكرونة؟» سأل المتنمر وهو يصفع وجه الطالب.

ثم التفت إلى طالب آخر. «ماذا أكلت على الغداء؟» سأل مرة أخرى. الطالب الثاني، الذي تعلم من تجربة الأول، أجاب «المعكرونة»، ثم سأل المتنمر: «لماذا لم تأكل الزلابية؟» وصفع الطالب الثاني أيضًا.

أسباب الاعتقال في وثائق الشرطة الصينية مشابهة لاستراتيجية المتنمر “التعليمية”. لا معنى لها. من الواضح أن هدف المتنمر هو إظهار قوته. هدف الصين هو أكثر شراً بكثير – محو الأويغور وهويتهم من على وجه الأرض.

باختصار، كما يتضح من الملفات، يعتبر الأويغور مجرما. بصفتي أويغوريًا، لست مندهشًا. ما أتساءل هو كيف يمكن للصين أن تظل عضوا في لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بعد أن تم الكشف عن مثل هذه الفظائع للعالم؟ وكيف يمكن لبعض الدول أن تتوقع وساطات من أجل السلام من الصين في الشؤون الدولية مثل حرب أوكرانيا؟ ما هو المفقود: اللياقة أم الذكاء أم القدرة على معاقبة الجرائم ضد الإنسانية؟

المصدر: تركستان تايمز

ترجمة/ رضوى عادل

من د. حاكم المطيري

الأمين العام لمؤتمر الأمة ورئيس حزب الأمة، أستاذ التفسير والحديث - جامعة الكويت