رابعا: (إنشاء مشاريع الترسيخ النفوذ الأجنبي)

لا شك أن المآل الطبيعي لانفتاح دولة محمد علي على الأجانب ثم حربها الدائمة مع العثمانيين كان يميل بالاقتصاد والمشاريع في منظمة الشام إلى كفة الأجانب، وفي الوقت الذي سمح إبراهيم باشا بكل ما سبق من تسهيلات للأجانب، فإنه اتخذ قرارًا بمنع السفن التركية من النزول بمواني الشام،ومنع القوافل الآتية من الأناضول من دخول الشام تخوفًا من أنها تحمل البارود مددًا للثائزين عليه،مما سبب أزمة تجارية شديدة. هذا مع أن القناصل سيمدون الثوار على إبراهيم باشا في مرحلة لا حقة حين أريد طرده من الشام، ولن يستطيع أن يفعل معهم مثلما فعل مع سفن العثمانيين.

لكن المحاولة الأخطر كانت مع رجل المال اليهودي الأشهر موسى مونتفيوري، الذي استقبله محمد علي بالبشاشة والترحاب في القاهرة، وهذا الرجل هو صاحب أهم وأقوى محاولة التوطين اليهود في فلسطين قبل هرتزل، وكان له طموح واسع ومعلن نحو استيطان اليهود لفلسطين من خلال شراء الأراضي الواسعة لزراعتها، وكانت أمانيه المنشورة تدل على ضخامة الآمال التي فجرتها سياسة محمد علي لدى اليهود، فهو يريد منه «أن يؤجر لنا مئة أو مائتي قرية لمدى خمسين سنة في مقابل عشرة أو عشرين في المائة تدفع في الإسكندرية من قيمة الإيجار تدريجيًا،ويجب أن تكون هذه القوى حرة مجردة من كل مانع ومحذور، أي طليقة من قيود الصرائب والإتاوة كل مدة الإيجار.

واللزارعين الحث في بيع تلك الحاصلات في أي بلد من بلدان العالم»، ومع هذا فإن الرواية اليهودية تقول بأن استعداد محمد علي كانت أعلى من طموحات مونتفيوري نفسه لكن المشكلة كانت في أن السلطان هو وحده المخول بالتصرف في الأراضي على هذا النحو، أما محمد علي فقد تعهد لرجل المال اليهودي

«بالترخيص لليهود في شراء أية مساحة يستطيعون أن يجدوها في ربوع سورية.

ويرغب السلطان في أن يمنحها لهم بمجرد طلبهم.

وقال يمكنكم والحالة هذه أن تنتخبوا حكامًا يقع اختياركم عليهم للإشراف على مقاطعات فلسطين بأسرها.

وإنني لا أدخر وسعًا في سبيل معاونتكم وشد أزركم في إنجاز هذا المشروع الحميد المفيد».

اقرأ أيضًا:

محمد إلهامي يكتب: «في أروقة المحن».. «محمد علي والبلاط الأجنبي»

محمد إلهامي يكتب: «في أروقة المحن».. محمد علي والبلاط الأجنبي «1»

محمد إلهامي يكتب: «في أروقة المحن».. محمد علي والبلاط الأجنبي «2»

محمد إلهامي يكتب: «في أروقة المحن».. محمد علي والبلاط الأجنبي «3»

محمد إلهامي يكتب: «في أروقة المحن».. محمد علي والبلاط الأجنبي «4»