ظهر هذا الأمل الغربي -أو الحلم- في عصر الحروب الصليبية، وتجَسَّد في أسطورة خيالية هي أسطورة القديس يوحنا «أو أسطورة برسترجون».

ومفادها، أنه سوف يظهر من الشرق البعيد ملك مسيحي قوي يُسمَّى القديس يوحنَّا -برستر جون- فيثأر للمسيحية ويقضي على المسلمين قضاءً مُبرماً ويستعيد كل الأماكن المقدسة ويعيدها إلى حظيرة المسيحية.

 وكان ظهور الأسطورة على الشكل التالي:

من المعروف -بصورة عامة- أن الأمم حين تواجه صعوبات في مواجهة عدوها تلجأ لاختراع أساطير بالانتصار عليه.

وفيما يتعلق بهذه الأسطورة:

بعد نجاح الحملة الصليبية الأولى في تأسيس أربع دول صليبية داخل بلاد المسلمين بدأت حركة الجهاد وبناء الجبهة الإسلامية المتحدة،

فأيقن الغرب الصليبي أن مصير دوله الصليبية الأربع إلى زوال.

ومن هنا ظهرت في الفكر الغربي أسطورة مفادها انه سيظهر من الشرق البعيد ملك مسيحي يسمى القديس يوحنا (أو برسترجون)

وكانت هذه الأسطورة تزداد ظهوراً ورواجاً كلما اشتدت مقاومة المسلمين للعدوان الصليبي.

فلما بدأ عماد الدين زنكي يضع القاعدة الصلبة للجبهة الإسلامية المتحدة ويلحق بالصليبيين الهزائم راجت هذه الأسطورة

ولما هزم الخطا البوذيون السلاجقة في أقصى الشرق في معركة قطوان سنة 536 هجرية

نزّل الغرب الأسطورة على ملك الخطا البوذي وأول من أورد ذلك هو المؤرخ الألماني أوتو أوف فرايزنجين في روايته عن الحروب الصليبية.

ولما دمر عماد الدين دولة الرها الصليبية زاد رواج هذه الأسطورة في الغرب

خصوصا بعد هزيمة الحملة الصليبية الثانية وفشلها في احتلال الرها مرة أخرى.

وتواصلت انتصارات المسلمين بالقضاء على الدولة العبيدية في مصر

وإعادة الوحدة السياسية والعقدية بين مصر والشام وقضى صلاح الدين على مملكة بيت المقدس الصليبية في حطين واسترد بيت المقدس سنة 583 هجرية

وأفشل الحملة الصليبية الثالثة التي هدفت إلى احتلال القدس مرة أخرى رغم أن الحملة تكونت من مئات الألوف من المحاربين.

وهنا راجت تلك الأسطورة في الغرب زهاء ثلاثة عقود من السنين.

ولما جاءت الحملة الصليبية الخامسة سنة 614 هجرية وأنزل المسلمون بها الهزيمة سنة 618 هجرية سمع الصليبيون أثناء عودتهم بخبر اجتياح جنكيز خان لشرق العالم الإسلامي

فنزل الغرب تلك الأسطورة على ذلك السفاح الوثني الذي لا يمت للنصرانية بصلة

وأدرك الغرب حقيقة وثنية جنكيزخان عندما وصلت جيوشه شرق أوربا.ومن هنا بدا الغرب يفقد الثقة في

في صدق تلك الأسطورة لذلك شرعت البابوية وبعض ملوك الغرب في محاولات التحالف مع المغول ضد المسلمين

بل ومحاولات إدخالهم في النصرانية فأرسلوا الكثير من البعثات التنصيرية إلى المغول

لكن ظهور دولة المماليك وسحقها للصليبين والمغول معا جعل كل أساطير الغرب تذهب أدراج الرياح!!

من د. رشيد بنكيران

حاصل على شهادة الدكتوراة في الفقه الإسلامي وأصوله، ويشغل منصب مدير معهد غراس للتربية والتكوين وتنمية المهارات.