لم يكن الوضع السياسي الفلسطيني والعربي منسجما مع حلول شهر رمضان الكريم. بل إن قادة عرب وفلسطينيين خالفوا روح رمضان، وعملوا لقهر صفاته التي جاءت في الكتاب والسنة وفي تاريخ من سبقنا من التابعين. المخالفة العظيمة بيناها وشرحناها في مقالين سابقين حول لقاء العقبة الأمني، وصنوه لقاء شرم الشيخ الأمني، حيث استهدف اللقاءان المقاومة الفلسطينية التي تمثل شهر رمضان، ومعانيه من الحرية والعزة والكرامة، وحراسة الدين، وقهر أعداء الله.

المؤسف أن أعداء الله ركبوا السياسة العربية والفعل العربي والفلسطيني، وعملوا على محاصرة رمضان وعطاءاته بحراك أمني واسع، حتى فاجأهم العدو بأنه يريد الأردن جزءا من (إسرائيل)، وينفي الفلسطيني نفيا تاريخيا مطلقا؟!.

هذه الحالة المؤسفة جعلتنا نغسل أيادينا من الحالة العربية، ومن سلطة التنسيق الأمني، ولكن هذه الحالة نفسها ردتنا في شهر رمضان إلى الله القادر القاهر العزيز الذي لا يغلب، فنلهج بالدعاء والاستعانة به، ونقول بالمناسبة كلمة توضح لماذا ذكر الخطاب القرآني في فاتحة الكتاب (إياك نستعين) ونحن نكررها في الصلوات فقط (٢٨) مرة، ونكررها في غير الصلاة مرات ومرات.

إياك نستعين ، تفيدنا  أن العبد قد أخذ بالأسباب، ولكن الأسباب لم تحقق له النصر أو ما يريد، ومن ثمة يلجأ إلى الذات الإلهية مسببة الأسباب يستعين بها لتحقيق النصر أو ما يريد، فإذا تمت هذه المعادلة، أعني: ( الأخذ بالأسباب، ثم الاستعانة بالمسبب) تكون الاستجابة لا محالة محققة، ” أمن يجيب المضطر إذ دعاه، ويكشف السوء…”.(النمل ٦٢).

أي لا تكون إجابة الدعاء إلا في حالة الاضطرار، التي أخذ صاحبها بالأسباب، ولكن أسبابه لم تكف للنصر، فذهب إلى الدعاء والاستعانة.

إن شعبنا الفلسطيني يعيش الاضطرار عينه، وإنه لم يجد فيمن حوله من يعينه، بل وجد من يتربص به شرا. وإن شعبنا أخذ بالأسباب، وما زال يعمل بها، ويتوكل على رب الأسباب، لذا نشعر أن شعبنا لا ييأس ويعيش الأمل رغم حلكة الظلام، والعقبة، وشرم الشيخ، وسيموترش وابن غفير، ورغم التنكيل بالأسرى، والتوسع بالاستيطان؟!.

في رمضان ندعو الله أن يكون معنا، وأن يرفع عنا الهمّ الذي نحن فيه، وأن يجعل رمضان شهر جهاد وعزة وكرامة.

 وكل عام وأنتم بخير، تحية نحيي بها قراء الجريد وطاقمها الفني والإداري.

من د. عماد نصار

مدير‏ مركز لسان العرب لخدمات اللغة العربية‏