أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، هي أخت عثمان بن عفان لأمه، أمهما أروى بنت كريز، وأمها= البيضاء بنت عبد المطلب، عمة رسول الله ، وتوأمة عبد الله بن عبد المطلب.

هذه المرأة الصالحة؛ من النماذج الواضحة على قول الحق : (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي)،

فأبوها، عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، كان من أشد قريش إيذاء للنبي ، رآه يوما ساجدا،

فوضع رجله على عنقه حتى كادت عينُ النبي تندر من مكانها!

ورآه ساجدا مرة أخرى فوضع على ظهره سَلا جَزورٍ، وبصق في وجهه الشريف يوما من الأيام، فعاد بصاقه في وجهه وأثَّر فيه،

وكان أحد سبعة دعا عليهم النبي بأعيانهم، فلما فرغ المسلمون من معركة بدر،

أخِذ عقبةُ أسيرا، ثم قُتل في الطريق بموضع يقال له: عرق الظبية.

شارع أم كلثوم بنت عقبة

أما أم كلثوم،

فكانت من المسلمات المبايعات بمكة، ولم يتهيأ لها أن تهاجر، حتى كان صلحُ الحديبية،

فخرجت بعده بشهورٍ مهاجرةً في صحبة رجل من قبيلة خزاعة،

لقيَها في الطريق فقادها حتى بلغت المدينة النبوية، ونزلت على أم المؤمنين أم سلمة،

وكانت تخشى أن يلحق بها أحد من أهلها فيردَّها النبي معه،

لأن من شروط صلح الحديبية: أن مَن خرج من المسلمين من مكة إلى المدينة= فإنه يجب على أهل المدينة أن يردوه إلى مكة،

وكان قد انطلق خلفها أَخَواها الوليد وعمارة، يطالبان النبي بأختهما وفاء بذلك الشرط البائر،

فأخبرهما أن الله قد أبطَلَ هذا الشرط في النساء، في قوله :

(يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار) الآية،

وردَّهما إلى مكة صفرًا.

وذهبت أم كلثوم بشرف الهجرة إلى الله ورسوله، وانتقضَ بها شرطٌ باطلٌ من شروط الكفار في هدنة الحديبية،

وعاشت آمنةً وادعةً في كنف رسول الله وجواره، وتزوجها زيد بن حارثة،

ثم استشهد عنها فتزوجها الزبير بن العوام، ثم طلقها فتزوجها بعده عبد الرحمن بن عوف وله منها أولاد،

ثم مات عنها فتزوجها عمرو بن العاص فماتت بعد زواجه منها بشهر.

رضي الله عنها، وعن أصحاب رسول الله أجمعين.

من د. جمال عبد الستار

الأمين العام لرابطة علماء أهل السنة