من أكبر نجاحات الشيطان مع المختلفين والمتخاصمين، أن يجعل كل واحد منهما لا يرى الصواب والخير الذي عند خصمه، ولا الأخطاء والشرّ الذي عنده.

ولو أنصف كل واحد منهما لتغاضى عما يمكن التغاضي عنه، ولتذكر ما عند مخالفه من خير،

ولتنازل عن شيء من حظوظ النفس، فتتآلف القلوب ويخزى الشيطان، وتستقر الأمور، ويؤدي كل طرف حقّ الآخر، وينشغل كل طرف بالمعالي، ويصرف همّه للأمور العوالي.

وإلا، فإن الوقوف عند الجزئيات، والتركيز على الخلافيات، من أكبر أسباب الشقاق، وخراب البيوت وهدم الصداقات

والحل في التغاضي، والتسامح، والوقوف مع الكليات والأمور الكبيرة فقط، لأن الشيطان يكمن في التفاصيل، كما قيل.

قال الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يحِبُّ الْمحْسِنِينَ}

وقال رسول الله : (لا يفرَك مؤمنٌ مؤمنةً إن سخِطَ منْها خلقًا رضِيَ منْها آخرَ)

وقال: (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة: الودود، الولود، الغيور على زوجها،

التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول:

والله لا أذوق غمضا حتى ترضى عني ، هي في الجنة، هي في الجنة ، هي في الجنة).

وقيسوا -أيها المتخاصمون- ما لم يذكر على ما ذكر،

واتركوا العناد، والانتصار للنفس، والتفنّن في إرضاء الشيطان، وخالفوه تفلحوا،

كـ{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (النور – آية 21)