تمر الأمة بحالة من السيولة الفكرية في تتابع متوالية الكوارث الحتمية نتيجة فاشية الجهل وصدارة الدهماء وتعريب عقل النبلاء ومن ثم الجميع يسعى نحو التفكير

وهنا نقول بوضوح تام واقعنا نتيجة طبيعة لفاشية العلمانية وهمجية المؤسسات الربوية وكثرة المطبلاتية وصدارة الدهماء وتلميع أراجوزات الإعلام لسفهاء الفن ولصوص صناديق القبورية الباطنية.

قال تعالى:

{أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ}

 (سورة التوبة)

هل ينتبه المسلمون لحجم الكوارث الناتجة عن هجر الشريعة والتحاكم للقوانين الوضعية وتفكيك بنيان الأمة في كيانات وظيفية خدمت المشاريع الدولية المعادية لكيان الأمة الإسلامية على مدى التاريخ الإسلامي والواقع؟

ماذا ربحت الأمة من فكرة القومية العربية الناتجة عن غرس عملاء الدول الأوروبية لكسر الاعتصام الإسلامي القائم على الولاء حول الإسلام والسنة والأمة بعموم المكونات المتنوعة في الفهم والوسائل المتحدة الغايات؟

كارثة المد الاشتراكي

لقد ضربت الأمة كارثة المد الاشتراكي بكل جاهلياته وزعمت مناصرة الملكية العامة لتتحول الأمة لي زمن الاشتراكية إلى أوكار التعذيب والتجهيل وصناعة جاهلية الطعن في الشريعة والفقه الإسلامي بمزاعم الفقه البدوي

وما هي إلا فرية وكذبة ساقها عملاء لينين وماركس وتيتو ونهروا 

وسبحان الله تحولت بلدان قاعدة الحكم الاشتراكي بمرور الزمن إلى خراب وهلاك مجتمعي

وبقيت الممالك التي تحاكمت للإسلام بلا عصمة فالبشرية لا زالت قائمة

ولسنا في زمن النبوة لكن نحن نضع معايير المقارنة بين فاشية الحكم الاشتراكي والديمقراطي الباغي والذي نراه في الواقع.

فصل الدين عن الحياة

ماذا ربحت الأمة من كوارث فصل الدين عن الحياة بإقصاء علماء السنة والشريعة عن صدارة المشهد المجتمعي والعالمي للأمة العربية والإسلامية؟

لقد ابتلى الله الأمة حال أقدامها على ترسيخ القوانين الوضيعة الوضعية بتوفير محاضن الرجس العقدي والفكري

الذي هاجم الثوابت وغير منهجية تعامل الأمة مع  المتغيرات

ومن ثم وقعت كوارث الخلل المجتمعي الذي تعيشه الأمة ومع ذلك يبقى العقل المتكبر حاكم لموقف المخالفين والله المستعان.

ماذا ربحت الأمة من فكرة الطائفية السياسية أو الحزبية أو الجماعات الوظيفية حققت جزء من الوعي

لكنه كان مشوها اختزل الأمة في ولاء جزئي وحول البيعات السرية إلى صكوك غفران عند من ابتلى بها

ومن ثم حدث شقاق مجتمعي بين الأمة السنية التي تحولت إلى أحزاب يمينية أو يسارية

فكان البلاء وللأسف الشديد لا يزال البعض يراهن على حتمية الولاء الخاص لتحقيق المصلحة العامة كما يزعم ولكن هيهات؟

هل أدركت الأمة مخاطر فاشية النظام الربوي بعد أكاذيب والأعيب الخصخصة والاستثمار البنكي

الذي ألقى بمقدرات الأمة في جب هاوية النظام الدولي وللآن يبقى غربان تسويق الفشل يراهنون على تبني الرؤية المادية الربوية

فاستمرت متوالية الانحدار لقيمة الإنسان والعملة الخاصة بالوطن

كنتيجة حتمية لحالة التمرد على الشريعة والسنة النبوية الشريفة والصحابة الكرام وفهمهم المبارك وجهود العلماء المصلحين

بعد صلاحهم تعبدا لا وظيفة خاصة أو في طريقها للطائفية؟

ماذا ربحت الأمة من رعاية المدارس الباطنية المختلة عقديا وفكريا

حين شرعنت قبور وقباب سحرت عقول الجماهير فانهدم عقد الأمة في طرق صوفية وقبورية منحرفة مختلة خدمت الباطل ومسخت حقيقة الحق الذي جهلوه.

الخلاصة:

كل مشاكل الأجيال المعاصرة يستطيع الإسلام حلها بمجرد جعله محور الارتكاز للعقول والمفاهيم بمنهجية شمولية ثابتة

تدرك ربانية المنهج وعالمية الرؤية وشمولية الإصلاح وربانية الوسيلة ووسطية التدرج والتقييم والتقويم وعلم بناء الأمة بأمة البناء العلمي.

متى نفهم؟

متى نفهم أن العلمانية منهج للهدم والطائفية الحزبية ليست منهجا للبناء؟

مَتى ندرك أن ما عزت به الأمة في سابق التاريخ هو العاصم لها في الحاضر والمستقبل؟

مَتى نعقل أنه لن تستطيع جماعة أو حزب ميراث عرش الأمة أبدا مهما أوتيت من قوة

فقدر الله الحكيم أن العز والتمكين لن يكون في ثوب طائفي أو حزبي حتى لا يظن الناس بالسلف ظننا سيئًا؟

متى تبصر الأمة وبنيانها العام تداوي أهواء المصابين بداء الطائفية أو الحزبية

فلا تهدرهم ولا تستسلم لهم فالشر الموجود لا يلغي بقايا الخير المشترك؟

من د. أحمد زايد

أستاذ مشارك في كلِّيتي الشريعة بقطر، وأصول الدين بالأزهر