يتجه نظام الولي الفقيه في إيران إلى خطاب مناور، في تعامله مع قضية المرأة في البلاد، متوهما القدرة على سحب البساط من تحت إقدام الانتفاضة الشعبية، التي تفضح سياسات وممارسات الملالي المناهضة للنساء، وتلقى مطالبها قبولا دوليا. 

قال خامنئي في كلمة أمام مجموعة من النساء الموالیات للنظام مؤخرا أن

«اقتراح استخدام المتعلمات والمطلعات والحكيمات وذوات الخبرة في مختلف مستويات صنع القرار في البلاد مسألة مهمة شغلت ذهني طويلا وإن شاء الله سنجد حلا لذلك»

لكنه شدد في المقابل على أن أهم واجبات المرأة هي الأمومة والزوجية «أي دور ربة المنزل» مشيرا إلى انه في حال الاختيار تبقي «الأسرة هي الأهم».

منظمات قمعية لإذلال النساء

لم يبتعد الولي الفقيه عن خطابه التقليدي، ففي كل مرة يتحدث فيها عن المرأة،

يؤكد على أن الوظيفة والواجب الرئيسيين هو التدبير المنزلي وتربية الأطفال،

كما حرم نظامه النساء من أبسط حقوقهن الإنسانية،

أنشأ 27 مؤسسة ومنظمة ودورية قمعية لإذلال النساء بشكل منهجي وطردهن من الحياة الاجتماعية،

فقد أشار خامنئي إلى أن عدد الطالبات أكثر من الطلاب، لكن عدد النساء المتعلمات العاطلات عن العمل أكثر من 60٪.

من الواضح أن دور المرأة في الانتفاضة كان السبب المباشر لخوض خامنئي في هذه القضية،

فقد تردد في هتافات المنتفضين شعار «سواء بالحجاب أو دون حجاب، إلى الأمام نحو الثورة»

ليكون إلى جانب هتاف «الموت لخامنئي واللعنة على خميني» والهتافات الأخرى المؤكدة على ضرورات التغيير.

ولا يخفى على المتابعين قوة النموذج الذي تقدمه منظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية فيما يتعلق بالحضور الكثيف للمرأة في ارفع المستويات القيادية.

واللافت للنظر أن وعوده الولي الفقيه للنساء لم تكن قطعية، فقد ذكر أن القضية مهمة، شغلت ذهنه لفترة طويلة،

لكنه أبقى الحلول عائمة، ثم عاد ليؤكد على إبقاء الوضع على ما هو عليه من خلال إشارته إلى أولوية بقاء المرأة في المنزل،

وبمعنى آخر تكريس حالة الجمود واليأس العائدة إلى القرون الوسطى.

يعلم خامنئي أكثر من غيره التقاليد والقوانين التي أرساها نظامه خلال الـ43 عامًا الماضية،

القائمة على  كراهية النساء والعربدات والقمع والحرمان من الحق في أن تصبح المرأة قاضية أو رئيسة البلاد،

وبالتالي إبعاد المرأة عن المشاركة في اتخاذ القرار.

المرأة هي قوة التغيير

يعيد خطاب خامنئي إلى الأذهان إشارة الرئيسة المنتخبة من المقاومة مريم رجوي قبل 26 عامًا، حين خاطبت الحاكمين قائلة

«المرأة هي قوة التغيير، أنتم استخدمتم كل ما في جعبتكم من إذلال وقمع واضطهاد وتعذيب وقتل بحق الإيرانيات،

كونوا على يقين بأن الضربة القاضية سوف تتلقونها من نفس المكان الذي لا تفكرون فيه على الإطلاق»

فلا يوجد حل لقضية النساء في إيران طالما بقي حكم الولي الفقيه في السلطة.

جاء خطاب خامنئي مناورة مكشوفة للالتفاف على القضايا التي تطرحها الانتفاضة الشعبية لتعرية نظامه العاجز

وفي مقدمتها قضية المرأة التي أصبحت محل اهتمام العالم الديمقراطي

الذي يأخذ في عين اعتباره حضور النساء لدى البديل الديمقراطي المتمثل بمجاهدي خلق.

من د. حاكم المطيري

الأمين العام لمؤتمر الأمة ورئيس حزب الأمة، أستاذ التفسير والحديث - جامعة الكويت