يبدوأن تداعيات حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة لن يتوقف علي الداخل والصراع مع الفلسطينيين بل ستكون له كذلك آثار كارثية علي مسيرة التطبيع مع عدد من الدول العربية ومنها الإمارات والبحرين والمغرب والسودان لاسيما بعد قيام وزير الأمن الداخلي الصهيوني بن غفير باقتحام المسجد الأقصي في مشهد أثار غضب الدول العربية والإسلامية وتحفظ الاتحاد الأوروبي بل أن الأمر قد يؤدي فرملة مساعي أخري لتوسيع اتفاقات “ابراهام ” لتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني .

وفي هذا السياق ألمح تقرير عبري إلى إمكانية حدوث عرقلة بقطار التطبيع بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والدول الخليجية والعربية، بسبب ممارسات الحكومة اليمينية التي تسلمت السلطة في إسرائيل، برئاسة “بنيامين نتنياهو”.

اقتحام بن غفير للاقصي واتفاقات ابراهام

وأثارت تلك الممارسات غضبا في أوساط “حلفاء تل أبيب”، عندما اقتحم وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، المتطرف “إيتمار بن غفير” الحرم القدسي، الثلاثاء.

حيث أوضح تقري صهيوني إن “أحد الأهداف الرئيسية التي أعلنها نتنياهو علنًا عند توليه منصبه هو توسيع اتفاقيات التطبيع، وتحقيقه بالذات مع السعودية”

ونبه التقرير إلى أن هذا الهدف، يزعم “نتنياهو” أن من شأنه إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي بشكل شبه كامل، وأنه ربما يساعد في تعزيز حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو الأمر الذي دفعه في أول اجتماع لحكومته لانتقد سلفه “يائير لابيد”، لأنه |فشل في توسيع اتفاقيات التطبيع مستدركا بالقول : لكن الرسائل الغاضبة التي نشرتها العديد من الدول العربية عقب اقتحام بن غفير تهدد بتخريب خطط نتنياهو للتوصل إلى انفراجة مع السعودية.”.”.

ونبه التقرير إلي أن الانتقادات العربية لاقتحام “بن غفير” للحرم القدسي، والتي تزعمها حلفاء لإسرائيل، مثل الأردن، والذي استدعى السفير الإسرائيلي في عمان لتوبيخه، تلتها الإمارات لتتصدر مشهد الإدانات الخليجية أيضا، وهي الدولة التي خطط “نتنياهو” لزيارتها الأسبوع المقبل، والتي أعلن عن تأجيلها بغض النظر عن سبب التأجيل، فإن اقتحام بن غفير لم يكن مفيدا إطلاقا.

المغرب والتطبيع

التقرير العبري أشار إلى أن “الإدانة السعودية لخطوة بن غفير جاءت سريعة نسبيًا، فالسعوديون هم قادة العالم الإسلامي السني، وأي ضرر يلحق بالمسجد الأقصى، حتى لو كان رمزيًا، هو شيء يجب أن يثوروا ضده موضحا  أن مساع من تل أبيب حدثت لتسريع التطبيع مع المملكة، لكن يبدو أن تلك الجهود ستتأثر “.

واعتبر أنه “عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع حكومة اليمين الإسرائيلي، فإن مساحة الدول العربية للتطبيع ستصبح محدودة للغاية مشددا علي  أن ردود الفعل العربية والإقليمية والدولية على خطوة “بن غفير” تكشف أن الحكومة اليمينية “تعاني عجزا كبيرا من حيث الائتمان السياسي في المنطقة والعالم “.

وتابع “ستواصل الدول العربية والمجتمع الدولي فحص كل خطوة تقوم بها الحكومة باستخدام عدسة مكبرة، تجاه كل ما يمكن اعتباره انحرافا عن الوضع الراهن، بحيث يتم انتقاده وإدانته، وبالتالي كبح جماح أي مسار تطبيعي قد تشهده المنطقة، ما يعد إفشالا لمخططات نتنياهو الإقليمية”.

بن غفير ومعركة دبلوماسية بين الاحتلال والسلطة 

يأتي هذا في الوقت الذي كشفت مصادر دبلوماسية عن  تفاصيل  معركة دبلوماسية ساخنة تدور بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، برئاسة “بنيامين نتنياهو”، حول ضمان أو إحباط عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي بشأن اقتحام وزير الأمن القومي “إيتمار بن غفير” المسجد الأقصى المبارك، أمس الثلاثاء.

وذكرت المصادر أن الحكومة الإسرائيلية تبذل جهودا كبيرة لمنع عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي الخميس، مشيرا إلى أن وزارة الخارجية أرسلت برقية، صباح الأربعاء، لنحو 15 سفارة وممثلية إسرائيلية حول العالم، أكدت فيها على أهمية “التحرك العاجل والضغط من أجل منع انعقاد مجلس الأمن الدولي غدا وإصداره بيانا حول اقتحام إيتمار بن غفير المسجد الأقصى”.

وعممت خارجية الاحتلال على سفاراتها، بضرورة العمل من أجل إحباط أي نقاش حول الموضوع في مجلس الأمن، بزعم أن مثل هذه القرارات في حال صدورها تمنح الدعم لفصائل المقاومة الفلسطينية مثل حركة “حماس”.

فلسطين

ورجحت المصادر أن “تؤدي المناقشة في مجلس الأمن حول القضية الفلسطينية، بعد أسبوع واحد فقط من أداء الحكومة الجديدة في إسرائيل اليمين، إلى زيادة الضغط الدولي على إسرائيل”، مؤكدا أن “إصدار قرار في مجلس الأمن أو حتى نشر بيان لوسائل الإعلام باسم أعضاء مجلس الأمن، سيفسر بأنه انتصار سياسي للفلسطينيين”.

وفي المقابل، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، على لسان السفير “أحمد الديك”، المستشار السياسي لوزير الخارجية الفلسطيني رياض “المالكي”، أن “الدبلوماسية الفلسطينية تعمل ليل نهار من أجل تنفيذ توجيهات السيد الرئيس محمود عباس، لعقد جلسة لمجلس الأمن، من أجل بحث التطورات الخاصة بالمسجد الأقصى، خاصة بعد اقتحام الوزير الإسرائيلي بن غفير المسجد الأقصى”، “.

وأوضح أن “طلب عقد الجلسة قدم من دولة فلسطين والمملكة الأردنية، أما دولتا الإمارات والصين، فتتابعان هذه القضية لأنهما عضوان في مجلس الأمن، والمفروض أن يتم عقد جلسة مجلس الأمن غدا”.

وأعرب “الديك”، عن أمله في أن “تكون النقاشات ومخرجات الجلسة بمستوى التهديد الذي يمثله بن غفير واليمين الإسرائيلي المتطرف ضد القدس ومقدساتها وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك”.

وأفاد بأن “الخارجية تتواصل من خلال سفارات دولة فلسطين، لا سيما بعثة فلسطين الدائمة في نيويورك، مع جميع المجموعات العربية والإسلامية ودول عدم  الانحياز وأمريكا اللاتينية وجميع المجموعات الدولية، من أجل دعم هذا الطلب وعقد الجلسة في موعدها المحدد غدا الخميس”.

وأضاف: “نحن أيضا نواصل العمل من أجل أن تكون مخرجات الجلسة بما يليق بالمسجد الأقصى المبارك، وأن يرتقي مجلس الأمن إلى مستوى تحمل مسؤولياته تجاه ما تتعرض له مدينة القدس المحتلة والمقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى”.

الجمعية العامة

وعن دلالة قيام الاحتلال بجهود مكثفة لإحباط عقد جلسة مجلس الأمن، قال “الديك”: “كل خطوة يأخذها الجانب الفلسطيني، هي مؤشر على المعركة السياسية والدبلوماسية التي نخوضها ضد الدبلوماسية الإسرائيلية، وأيضا ضد دبلوماسية عدد آخر من الدول التي توفر الحماية لدولة الاحتلال في المؤسسات الأممية”.

 

واختتم المستشار السياسي لوزير الخارجية الفلسطيني حديثه بالقول: “هذه معركة بين الرواية الفلسطينية والرواية الإسرائيلية، وللأسف إسرائيل دائما تجد عددا من الدول توفر لها الحماية”، وأضاف: “نحن مصرون على عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن غدا لهذا الغرض”

حزب للمتدينيين يرفض اقتحام بن غفير للأقصي 

من جانب علق   حزب “ديجل هتوراة” المتدين مقالا بعنوان “استفزازات غير ضرورية وخطيرة” ضد وزير الأمن القومي ورئيس “عوتسماه يهوديت” إيتمار بن غفير بعد اقتحامه المسجد الأقصى.

وكتب أيضا في المقال :”الفقهاء الدينيون العظماء في الأجيال الأخيرة (أيضا غالبية الفقهاء للتيار الذي ينتمي له) أقروا أن الدخول اليه محظور بموجب تعليمات الشريعة. مثل هذه الاستعراضات المحظورة تعرض حياة اليهود للخطر وتلعب لصالح المحرضين في مآذن المساجد”.

وتساءلت صحيفة “ييتِد نئمان”، الناطقة باسم الحزب “من يسمح لهؤلاء الأشخاص، وبينهم وجوه حريدية، بتشكيل خطر على حياة اليهود دون حاجة لذلك وخلافا للشريعة اليهودية؟ ومن أجل ماذا، وهم لا يتظاهرون أنهم سيبنون الهيكل، وما هي القيمة بجولة انتصار لبضع دقائق أمام الكاميرات، سوى الأمل بجني مكسب إعلامي؟”.

 

من د. أنور الخضري

مدير مركز الجزيرة للدراسات العربية بصنعاء - اليمن