بعد دخول الانتفاضة الغاضبة للشعب الإيراني شهرها الثالث وتتحدى بکل قوة وصلابة وإباء تهديد ووعيد قادة النظام الإيراني ويصر الشعب الإيراني إصرارا غير عاديا على مواصلة الانتفاضة بحيث إن هذا الإصرار صار مصدر خوف ورعب لجهاز الحرس الثوري الذي هو الخط الدفاعي الأساسي للدفاع عن النظام، فإن هذه الانتفاضة تثبت بأنها تلك الانتفاضة التي طالما کان النظام يتخوف من اندلاعها ويحذر منها.

حالة الذعر وليس الخوف التي باتت تطغي على قادة ومسٶولي النظام من جراء استمرار هذه الانتفاضة واتساع قاعدتها الشعبية، يمکن لمسها من خلال تزايد تصريحاتهم ومواقفهم المختلفة بشأنها إذ إن هذه التصريحات إلى جانب المقدار الکبير من التهديد والوعيد التي تتضمنها، فإنها لازالت تصر على تخوينها واتهامها بشتى الاتهامات الباطلة، ذلك إنه وبعد أن قامت وزارة الأمن ومخابرات الحرس الثوري يوم الجمعة الماضي باتهام الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل بالتدخل في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد والتخطيط لإثارتها، فإن خامنئي بادر مجددا باتهام الولايات المتحدة بدعم الانتفاضة، – والطریف في الأمر هو تزامن التهم المعلنة من قبل خامنئي مع الهتافات المدویة للمنتفضین الإیرانیین مؤکدین «عدونا حاضر هنا.. یکذبون علینا بان العدو هو أمیرکا»‌-

ولئن يسعى قادة النظام ومن ضمنهم خامنئي إظهار أنفسهم والنظام بحالة من الثبات والتماسك غير إن الأحداث والتطورات الجارية لا تدل على ذلك البتة خصوصا وإنه ليس هناك في الأفق أية بوادر في عودة الأوضاع إلى ما قبل 16 أکتوبر 2022، يوم اندلاع الانتفاضة بل إن هذا التأريخ يمکن وصفه بالحد الفاصل بين مرحلتين مختلفتين تماما.

عجز وضعف النظام في السيطرة على هذه الانتفاضة وحالة التضارب والتناقض والتخبط التي تطغي على التصريحات والمواقف الصادرة من جانب قادة ومسٶولي النظام وتمکن المقاومة الإيرانية من الکشف عن وثائق سرية للحرس الثوري تبين حالة الخوف والذعر من الانتفاضة والتعليمات المتشددة بشأن کيفية مواجهة الانتفاضة والعمل على السعي للحيلولة دون انهيار معنويات أفراد ومراتب الحرس وإلقائهم لأسلحتهم وعدم مواجهة المنتفضين إلى جانب ما جاء في هذه الکتب السرية من معلومات أخرى بخصوص الهجمات التي يشنها المنتفضون على مقرات الحرس والباسيج وسيطرتهم على الأسلحة، کل ذلك يٶکد بأن الأوضاع تسير بصوڕ تٶکد بأن إيران في طريقها إلى مرحلة تاريخية جديدة وإن الفجر الإيراني الجديد قد بات وشيکا.

إصرار الشعب الإيراني على المضي قدما بالانتفاضة حتى إسقاط النظام، واتسام الانتفاضة بالهيکلية والتنظيم والدور الحساس والحيوي لوحدات المقاومة لمنظمة مجاهدي خلق في هذه الانتفاضة من العديد من النواحي واعتراف النظام بذلك علنا إلى جانب ضعف النظام وعجزه عن قمع الانتفاضة وإخمادها وإزدياد الدعم والتأييد الدولي لها، کل هذا بمثابة مٶشرات على قرب بزوغ الفجر الإيراني الجديد.


* عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

من سعيد المرتضي سعدي

باحث الدكتوراه، جامعة شيتاغونغ الحكومية، شيتاغونغ، بنغلاديش مدير، مدرسة الحضارة الإسلامية.