يجتمع قادة العالم هذا الأسبوع ضمن مجموعة العشرين في بالي، وعلى طاولة البحث أزمات يغلب عليها الطابع الاقتصادي، في حين تعاني المجموعة من انقسام داخلي يحد من إمكانية معالجة الأزمة الاقتصادية العالمية.

 

ولا تزال المشاكل الاقتصادية منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانية وبدء ظهور انعكاساتها تتمثل بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ودخول مرحلة الركود الاقتصادي بكثير من البلدان.

 

إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية والغذاء نتيجة الحرب، ما زاد مستويات التضخم ودفع البنوك المركزية نحو رفع أسعار الفائدة، فصعدت مستويات المديونية ما أثر سلبا على الدول الفقيرة التي يعاني شعبها أيضا من ارتفاع الأسعار.

 

تاريخ القضايا الاقتصادية

اتفق قادة العالم، خلال الاجتماع الثاني لمجموعة العشرين، في لندن أبريل 2009 عقب الأزمة الاقتصادية حينها، على إنفاق 5 تريليونات دولار لتعزيز الطلب العالمي، وكذلك توفير 1,1 تريليون دولار إضافية لصندوق النقد الدولي، وفق ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست.

 

وعندما التقى القادة للمرة الثالثة في أقل من عام، بعد خمسة أشهر من الاجتماع الثاني، أعلن رئيس الولايات المتحدة الأميركية حينها باراك أوباما ونظرائه أن مجموعة العشرين هي “المنتدى الرئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي”.

 

وخلال العام 2009، عملت الولايات المتحدة والصين وروسيا معا لمنع الأزمة المالية من إغراق العالم في الكساد الاقتصادي.

 

وكتب أوباما في مذكراته أن “أفضل خبر” تلقاه في قمة لندن كان التزام الصين بحزمة تحفيز اقتصادي كبيرة.

 

لماذا لن تلعب مجموعة العشرين دورها الاقتصادي هذا العام؟

اعتبرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، الأحد، أن “الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الاتجاه نحو زيادة الانقسام بين الدول، في وقت نحتاج فيه إلى بعضنا بشدة”.

 

وأعربت جورجيفا عن “قلقها من السير نحو عالم سيكون أكثر فقرا وأقل أمانا نتيجة لهذا الانقسام”.

 

وقال تقرير لـ”وول ستريت جورنال” إن “الحد من الضغوط الاقتصادية غير وارد حاليا. فالبنوك المركزية ستزيد أسعار الفائدة في المستقبل أيضا”.

 

وتباع التقرير أنه في حين “تسعى الولايات المتحدة ودول غربية إلى الحد من سعر النفط الروسي، قادت السعودية مصدري النفط نحو خفض الإنتاج”، وشدد على أن “زيادة الفائدة والمسعى السعودي، يؤديان إلى رفع أسعار الطاقة أكثر من خلال الضغط على الإمدادات”.

 

وضمن الإطار، أوضح نائب الرئيس الأول للاقتصاد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ماثيو غودمان، أن “مجموعة العشرين اليوم ليست كما كانت خلال فترة 2008 و2009″، مضيفا: “لم يعد هناك اتفاق على أهداف مشتركة”، وفق ما ورد في تقرير الـ”واشنطن بوست”.

 

وأي طرح بشأن المساعي المشتركة بين الدول يَقَع في شرك الانقسام المتزايد بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، حسب التقرير.

 

فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيبقى في بلده ولن يشارك شخصيا في الاجتماع، وسيحضر بدلا منه وزير خارجيته سيرغي لافروف.

 

والخلاف بين أمريكا والصين، أكبر اقتصادين في العالم، يعود إلى قضايا متعلقة بالتجارة والتكنولوجيا والأمن القومي وتايوان، وفق تقرير وول ستريت، الذي اعتبر أن التوقعات منخفضة لأي تحسن كبير في العلاقات بين البلدين عندما يلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن مع الزعيم الصيني شي جينبينغ.

 

وستلتقي وزيرة الخزانة جانيت يلين مع حاكم بنك الشعب الصيني يي جانغ على هامش القمة لمناقشة التوقعات الاقتصادية العالمية، وفقا لمسؤول في وزارة الخزانة.

 

ويأتي لقاء بايدن بجينبينغ على هامش قمة مجموعة العشرين، ويُعدّ أول لقاء مباشر بينهما منذ تسلم بايدن منصبه.

 

والملفات التي يفترض أن يناقشها الرجلان كثيرة. فواشنطن وبكين على خلاف حول قضايا من التجارة إلى حقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ الصينية مرورا بوضع تايوان، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.

 

ويلفت التقرير إلى أن اجتماع بايدن وشي “هو اللقاء الأكثر أهمية في رحلة بايدن التي تستغرق نحو 6 أيام”، خاصة وأنها تتزامن مع تحذيرات أطلقها البنتاغون بأن “الصين تشكل التحدي الأكثر شمولا وخطورة للأمن القومي الأمريكي”، ناهيك عن المخاوف من “حرب باردة بين الولايات المتحدة والصين”.

 

حل “جيوسياسي” للأزمات الاقتصادية؟

توضح جورجيفا أن “مجموعة العشرين تعاني الآن، لأن مشاكل الاقتصاد العالمي ناجمة عن الحرب الروسية على أوكرانيا”، لافتة أن الوضع الاقتصادي الحالي يختلف عن المشاكل المالية التي دفعت العالم إلى الركود خلال عام 2009”.

 

وأشارت إلى أنه “لا يمكن حل مشكلة جيوسياسية باتخاذ سياسات اقتصادية”.

 

وقالت إنه “سيكون من الصعب للغاية رفع مستوى التعاون الاقتصادي إلى المستوى الذي ينبغي أن يكون عليه الآن. وذلك لأن إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا هو أقوى عامل يؤدي إلى تحويل منحى الاقتصاد العالمي”.

 

ويشير تقرير واشنطن بوست إلى أنه “رغم ذلك، أصر البيت الأبيض هذا الأسبوع على أن مجموعة العشرين، التي يمثل أعضاؤها أكثر من 80 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي، تظل فعالة”.

 

وقال مسؤول كبير في الإدارة أطلع المراسلين على ما حصل في الاجتماع، وتحدث شرط عدم الكشف عن هويته أن “بايدن يؤمن للغاية بالأهمية الدائمة لمجموعة العشرين”.

 

وذكرت وول ستريت جورنال أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمي نموا بنسبة 2,7 في المئة فقط خلال عام 2023، مع توقع أن يسجل 31 اقتصادا من بين 72 اقتصادا انخفاضا للإنتاج لربعين متتاليين في وقت ما خلال هذا العام والعام المقبل. وكذلك، يتوقع الصندوق أن يتوسع الاقتصاد العالمي بنسبة 3,2 في المئة هذا العام، أي ما يزيد قليلا عن نصف وتيرة الـ6 في المئة التي حققها خلال عام 2021.

الأمة ووكالات