لماذا قال تعالى: “وتعالى عمَّا يُشرِكون”، ولم يقُل: “وتعالى على ما يُشرِكون”؟

من معاني حروف الجر المعروفة معنى الفوقية والزيادة في “عَلَى”، فنقول مثلًا: “زاد الأمر على حدِّه”، و”وقفت على الأرض”… فـ”على” هنا تعطي معنى الكثرة. من هذا أننا نقول: “تعالى الرجلُ على الرجل” إذا كان أفضل منه أو أكثر منه، أو إذا ادّعى لنفسه هذه الزيادة.

فلماذا قال تعالى: “سبحانه وتعالى عمَّا يُشرِكون”، بحرف الجر “عن” الذي يكاد يكون عكس حرف الجر “على”؟

من معاني حرف الجر “عن” معنى الإزالة، فنقول “رفعت عنك العبء” و”حملتُ عنك همَّك” و”أجبتُ عن السؤال” (أي أزلتُ غموضه)، إلى آخره.

ولو استُعمل “على” في الآية الكريمة فكانت “سبحانه وتعالى على ما يشركون”، لكان المعنى أن الزيادة موافقة للمزيد عليه، فإذا كان ما يُشرِكون باطلًا، فإن الزيادة تكون في الباطل، وحاش لله أن يزيد في باطل أو يتعالى فيه.

أما “عن” في هذا السياق فتعني الترفُّع والتنزُّه والقداسة بالبُعد “عن” ما يُشرِكون.

باختصار:

– تعالى على ما يُشرِكون: صار مع ما يُشرِكون وأكثر منه.

– تعالى عمَّا يُشرِكون: بعُدَ عمَّا يُشرِكون وتَنزَّه عنه.

———-

المصدر: صفحة نحو وصرف