كثيرا ما نرى الطالب يشكو من قلة الوقت، فإذا قيل له: اخرج من إطارك الضيق ووسّع في المطالعة والدراسة

وطالع الكتب الهامشية واختلف إلى المكتبة لتنمو مواهبك وتتغذى روحك ويشحن ذهنك ويثقب فكرك،

فإذا هو يتعلل بقلة الوقت وأن الدروس متراكمة والوقت ضيق قد لا  يسع للكتب المنهجية فضلا عن الكتب الهامشية، وغيرها من العلل الواهيات.

ولكن إذا نظرنا إلى أوقات الطالب، وأعماله اليومية رأينا أن المشكلة لا تكمن في ضيق الوقت،

بل المشكلة الأساسية هي الفوضوية وعدم التخطيط في ضبط الأوقات واستثمارها فيما يعود إلى الطالب بالنفع.

إن كثيرا من أوقات الطالب تذهب سدى وفي أمور تافهة وفي مسامرات ودردشات ربما تضر الطالب أكثر من أن تنفعه.

على سبيل المثال، إن معظم الطلاب يهدرون أوقاتهم خلال الحصص الدراسية التي قد يخرج أستاذ من الصف قبل الحصة أو يتأخر أستاذ في الحصة التالية،

ومثل هذا يقع يوميا تقريبا، وإذا جمعت هذه الأوقات المتقطعة قد تزيد عن نصف ساعة على الأقل. عند الجلوس إلى مائدة الطعام قد يستغرق الإتيان بالطعام،

وكذا يبقى فسحة من الوقت بعد الطعام. بعد الأذان إلى وقت الصلاة أكثر من عشرين دقيقة سوى الوقت الذي يخصصه للوضوء،

هذه عدا الساعات الفارغة بعد المطالعة والاستذكار التي قد تكون بين ساعتين أو ثلاث ساعات وهكذا دواليك.

إن مثل هذه الأوقات المتقطعة لو استغلها الطالب وضبطها وقضاها بتخطيط دقيق متقن لاستطاع -بجنب إتقان الدروس المنهجية- أن يطالع من الكتب الهامشية ثلاث ساعات أو أربع ساعات على أقل تقدير.

الطالب لا يكثرث بالأوقات الهامشية

ومما يؤسف به أن الطالب لا يكثرث بالأوقات الهامشية والمتقطعة التي هي الكفيلة برقيه وازدهاره في الحقول المختلفة،

تلكم الأوقات التي يستطيع فيها الطالب أن يحفظ شعرا أو يطالع جريدة أو يتابع أخبارا أو يزيد في رصيده اللغوي أو ينظر في معجم لغوي ويتعرف على مصطلحات وتعابير جديدة. تلك الأوقات التي تصنع مستقبله وتنمي مواهبه وتزيد في إثراءه اللغوي والأدبي والفكري.

إن الطالب لن يجد فرصة للمطالعات الهامشية إلا إذا كان حريصا على ضبط هذه الأوقات المتقطعة،

فطالع كتابا وحفظ شعرا واشتغل بما يعنيه من الأمور في دينه أو دنياه.

وإن الطالب لا يمكن أن يتسلق إلى القمة إلا إذا كانت حياته عبارة عن الجد والعمل والإقدام،

وإلا إذا تغلبت روح الصرامة والجدية على حياة الهزل والفكاهة.

الجد يفتح كل باب مغلق

الجد يدني كل أمر شاسع

من أحمد تركي

مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف