مع بزوغ فجر اليوم الثلاثاء، أصبح منصب رئيس الجمهورية اللبناني شاغرًا عقب انتهاء فترة ولاية الرئيس ميشال عون، وعدم وجود مرشح أخر قادر على تحصيل الأكثرية المطلوبة داخل البرلمان.

ورغم أن هذا هو الشغور السادس في تاريخ لبنان الحديث، إلا أن تداعياته هذه المرة ربما تكون كارثية، خاصة في ظل الانهيار الاقتصادي المتسارع والمصنف من قبل البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عقود.

ولا يبدو صادما بالنسبة للشعب اللبناني خلو قصر بعبدا من منصب رئيس الجمهورية، بعد فشل البرلمان في انتخاب خلفًا له، خاصة مع تكريس الساسة اللبنانيون وزعماء الطوائف للكثير من الأزمات، لمواصلة إحكام قبضتهم على مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية.

ويُعاني لبنان من انهيار اقتصادي غير مسبوق منذ ثلاث سنوات، وتُديره حاليا حكومة تصريف أعمال هشة بصلاحيات مقيدة، ووجود برلمان منقسم بشكل حاد يفتقد لوجود غالبية صريحة وواضحة قادرة على انتخاب رئيس جديد للبلاد.

وقال ميشال عون، في أخر يوم من ولايته الرئاسية أمس الإثنين، أن التوافق على انتخاب رئيس جديد للبلاد حاليا “بعيد المنال”.

الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش، يرى أنه من المستبعد أن تفضل النخبة السياسية المصالح الوطنية على مصالحها الضيقة كما اعتادت أن تفعل دوما، مضيفًا أن الإصلاحات الاقتصادية التي يشترطها صندوق النقد مقابل المساعدات تتطلب موافقة أغلبية حكومة تصريف الأعمال ذات الانقسام المتباين.

ولفت إلى أن الخطوة الأولى في طريق الخروج من المأزق السياسي هو توافق الأطراف السياسية على مرشح رئاسي يحظى بإجماع الأطراف الفاعلة، لا سيما تحالفي حزب الله وخصومه، والاتفاق على تقاسم جديد للسلطة على غرار ما حصل في عام 2016، لكن ذلك لا يبدو ممكنا في المستقبل القريب.

وأشار علوش، إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت الأدوات التي تمتلكها دول غربية كالولايات المتحدة وفرنسا قادرة بالفعل على فصل الحالة اللبنانية على الصراع الإقليمي، موضحا أن الاستسلام للفراغ الرئاسي كأمر واقع سيؤدي مع مرور الوقت إلى إثارة شكوك حول شرعية حكومة تصريف الأعمال في ممارسة صلاحياتها، وبالتالي تعميق الشلل السياسي والتفكك المؤسسي.

وفشل البرلمان 4 مرات في انتخاب رئيس جديد للبلاد، مع عدم وجود أي فريق في مجلس النواب يملك أكثرية تخوله اختيار رئيس.

وينص الدستور اللبناني على أن تتولى الحكومة صلاحيات الرئيس في حال تعثر انتخاب رئيس جديد للبلاد قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي.

وقد أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن حكومته ستتابع القيام بواجباتها الدستورية، ومن بينها تصريف الأعمال، معتبرا أن مرسوم الرئيس عون بقبول استقالة الحكومة المستقيلة أصلا بمقتضى أحكام الدستور يفتقر إلى أي قيمة دستورية، وفق تعبيره.

ومنذ أسابيع يتبادل ميقاتي وعون الاتهامات بتعطيل تأليف حكومة نتيجة شروط وشروط مضادة.