القول بالمهدي وأنه من أهل بيت النبي ينافي نفي القرآن لأبوة النبي للرجال على مر الأزمان،

قال تعالى: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين}.

القول بالمهدي، وأنه حقيقة، وأنه من أحداث المستقبل الهامة، إذا كان ذلك كذلك، فكيف خلا القرآن من ذكره، أو الإشارة إليه، وهو الكتاب الذي وصفه النبي بأن فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم؟!!

القول بالمهدي الذي يصلحه الله في ليلة واحدة ويحقق به للأمة العدل والرخاء، يتنافى مع وصف الله للأمة بالخيرية، إذ كيف تكون أمة خيرية وليس فيها أخيار مؤهلون يقودونها،

ويرفعون عنها الظلم، ويحققون فيها العدل وإنما يتحقق لها ذلك على يد رجل من سلالة محددة،

ويصلحه الله في ليلة، أي يكون قبل ذلك فاسقا، أو غير مؤهل للقيادة، فهل مثل هذه الأمة تستحق أن توصف بالخيرية، أو تستحق النصر والتمكين؟!!

هل 7% من العدل تعدل 100% من الظلم؟

القول بالمهدي وأنه يملأ الأرض عدلا فيه تهويل ومبالغة وتجاوز بالمهدي لجميع الأنبياء، فما أحد من الأنبياء تحقق له ذلك، وعلى رأسهم محمد الذي عاش 23 عاما دعوة وجهادا وحكما ولم يتحقق له ما يتحقق للمهدي في سبع سنين.!!

ثم ما قيمة سبع سنين عدلا، بمقابل قرونا من الظلم والجور عاشتها الأمة؟!

كم نسبة سبع سنين من العدل لو قسناها فقط بمائة سنة من الظلم، أليست 7%

فهل 7% من العدل تعدل 100% من الظلم والجور؟!!

فأين هو التساوي والمثلية التي وردت في الرواية (يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا)؟!!

هل يمكن للنبي أن يتحدث عن رجل يحكم بالعدل سبع سنين فقط، ويترك الحديث عن حكام الدولة العثمانية مثلا الذين فتحوا للإسلام البلدان، وحكموا بالعدل ثمانمائة عام؟!

فأيهما كان أولى وأحق أن يذكره النبي ويشيد به، ويبشر الأمة بظهوره؟!!

القول بالمهدي يُسَوّق للسلالية، ويروج للإيمان بنظرية البطنين، فروايات المهدي كلها-عند الشيعة والسنة- تركز تركيزا قويا على نسب المهدي، وأنه من نسل فاطمة،

وعليه فعلى الأمة متى وجدت من يدعو لنفسه بالإمامة، وهو فاطمي السلالة، فعليها أن تواليه وتنصره وتبايعه، فهو الحاكم المرتقب،

والمهدي المنتظر الذي سيرفع عنها الظلم ويملأ أرضها بالعدل، فالترويج لحكم السلالة هو الهدف الرئيس في الروايات،

حتى أن رواية تقول: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا من أهل بيتي..)،

فمن لا يرى راية السلالية في روايات المهدي واضحة، فقد أفقده التعصب للرواية الرؤية.!!

القول بالمهدي يهيئ الأمة للخضوع للشيعة،

فبعض الروايات تجعل من علامات المهدي أنه يظهر في أرض أصفهان، وجيشه أصحاب الرايات السود،

كما في مسند أحمد: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :

«إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ قَدْ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ فَائْتُوهَا، فَإِنَّ فِيهَا خَلِيفَةَ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ».

فهذا الحديث يهيئ الأمة لتستقبل أصحاب الرايات السوداء من الحشد الشعبي وكتائب المهدي،

وعصائب الحق الشيعي بكل تسليم واستسلام، بل والقتال معها، ومبايعة قائدها، فهو المهدي المنصوص عليه في الرواية.!!

روايات المهدي لا تتناسب مع هذا الزمان لأنها تتحدث عن أحداث بدائية،

حيث تذكر حروبا وقتالا بالسيف والرمح، بينما حروب اليوم تقوم  بالصواريخ العابرة، والأسلحة المدمرة، فأين موقع السيف والرمح في هذا الزمان؟!

أما من يقول أن هذه الأسلحة ستنتهي، والعالم سيعود إلى القتال بالسيف والرمح، فهذا يحتاج أن نقول له: عظم الله أجرك في عقلك.!!

القول بأن المهدي يحثو المال حثوا

ليس فيه إعجاز أو كرامة فها هي بعض الدول الأوربية كالسويد مثلا تحثوا المال حثوا على شعبها، وها هو ابن زائد مثلا يحثوا المال حثوا على من يدور في فلكه،

ويستطيع -على ذلك- أن يدعي أنه المهدي، خاصة وأن الصلاح القبلي ليس شرطا في المهدي،

فهو كما تقول الروايات يصلحه الله في ليلة، بعد أن كان فاجرا فاسقا.!!

روايات المهدي المنتظر تدعو الأمة إلى القعود لا الجهاد، والتواكل لا التوكل،

وانتظار النصر على يد المخلص المنتظر، لا الأخذ بسنن وأسباب النصر وصنع الانتصار،

ولذلك فكتمها والسكوت عنها فيه نفع للأمة، وإعلانها والتحديث بها فيه إضرار كبير بها.!!

ختاما

روايات المهدي المنتظر من روايات الملاحم والفتن، وقد أحدثت في الأمة فتنا في كل عصر،

فحاشا رسول الله أن يقول كلاما يُحدث في الأمة اختلافا،

ويصنع لها فِتَناً على مدى تاريخها، ويفتح الباب أمام الدجالين فيها، وهو الذي بعثه الله هاديا وسراجا منيرا.

من د. وائل الشيخ أمين

كاتب سوري، وباحث في قضايا الشباب.