أکثر ما قد حرص عليه نظام ولاية الفقيه ومنحه الأولوية منذ قيامه، هو خلق أجواء من الخوف والرهبة بحيث لا يجرٶ أحد على التحرك ضده، والذي ساعد هذا النظام في إضفاء المزيد من الخوف والرهبة على هذه الأجواء إنه قد جعلها تستند على العامل الديني الذي قام بتوظيفه بصورة غير عادية من أجل ضمان بقاء واستمرار النظام وعدم الإخلال به.

قيام هذا النظام بتشريع قانون المحاربة والذي سعى بموجبه الى إضفاء القدسية على النظام وجعل کل من يقف ضده ويحاربه کمن يحارب الله تعالى والدين، يعطي انطباعا كافيًا لمعرفة إلى أي مدى ذهب النظام في حرصه على تلك الأجواء وبطبيعة الحال فإنه ومع مرور الأعوام فإن العوامل المتداخلة المکونة لهذه الأجواء قد تفاعلت مع بعضها لتشيد جدارا من الخوف والرهبة أمام کل من يريد الوقوف بوجه هذا النظام ومواجهته، ورويدا رويدا باتت مظاهر مواجهة النظام والوقوف ضده تختفي وتتلاشى.

طوال ال43 عاما المنصرمة، وکما حرص النظام على بقاء جدار الخوف والرهبة بوجه معارضيه، فإن منظمة مجاهدي خلق من جانبها قد حرصت أيضا على استمرار صراعها ومواجهتها مع النظام

وحتى إنها لم تغادر ساحة المواجهة والصراع ولو في أکثر الظروف والأوضاع صعوبة وحلکة،

وهذا هو السر الکامن وراء جعل النظام لمنظمة مجاهدي خلق على رأس أولوياته وحشد مختلف الإمكانيات من أجل العمل للقضاء عليها.

في 30 سبتمبر، فتحت قوات الأمن النار على الناس في صلاة الجمعة في زاهدان، فقتلت العشرات من المدنيين. تبع ذلك احتجاجات واشتبك السكان المحليون مع القوى القمعية.

وخلال هذه الاشتباكات، كما أكد النظام لاحقًا، قُتل اثنان من كبار القادة المحليين في حرس الملالي،

بما في ذلك علي موسوي، نائب قائد المخابرات في حرس الملالي في سيستان وبلوشستان.

كان موسوي ومسؤولين آخرين من حرس الملالي يعملون كعملاء في ثياب مدنية ويطلقون النار على المتظاهرين العزل.

حرس الملالي هو القوة الأساسية للقمع.

عدة عوامل تفسر الوضع الحالي

أولاً، حرس الملالي ضعيف للغاية بالفعل. الكيان بأكمله مليء بالفساد والأزمات. ويخشى من يسمون بـ«قادته المليارديرية» على مستقبلهم مع اقتراب انهيار النظام.

التنظيم مليء بالحفر والثغرات الاستخباراتية،

والدليل على هذه الحقيقة هو الإقالة الأخيرة لحسين طائب، القائد الذي خدم لفترة طويلة

والذي يحظى بثقة كبيرة في منظمة المخابرات التابعة لحرس الملالي.

يسود انعدام الثقة بين صفوفه، وهو ما ينعكس في إقالة رئيس جهاز الأمن الخاص بخامنئي، إبراهيم جباري.

الخروقات الأمنية التي أدت إلى اغتيال كبار المسئولين في الدولة هي شهادة أخرى على هذا الأخير.

ثانيًا، التعلم من تجاربهم السابقة، لا سيما في عام 2019، فإن المتظاهرين أكثر تنظيماً وذكاءً وإبداعًا.

ساهم توسع وحدات المقاومة بشكل كبير في تنظيم الاحتجاجات وإطالة أمدها، كما أقر بذلك العديد من مسئولي النظام في الفروع التنفيذية والتشريعية والقضائية.

من سعيد المرتضي سعدي

باحث الدكتوراه، جامعة شيتاغونغ الحكومية، شيتاغونغ، بنغلاديش مدير، مدرسة الحضارة الإسلامية.