إذن «حماس» تعتبر غزة محررة، وعليه فلا يجوز لأية قوة أن تطلق النار على الكيان الصهيوني.

وهذا يفسر إلى حد كبير استماتة «حماس» في طلب الهدنة والدفاع عنها حتى لو كلفها ذلك مطاردة المجاهدين ونزع سلاحهم وسجنهم وحتى قتلهم في المساجد،

ووصف الصواريخ بالمشبوهة ومطلقيها بالخيانة والعمالة والعابثين بمصالح الشعب الفلسطيني!

وهي التهم التي ساقتها ضد من عاب عليها ذات الفعل في زمن السلطة. كما يفسر الاستماتة السياسية لـ«حماس» في توجهها نحو الغرب وخاصة الولايات المتحدة كحركة تعتقد أنها معنية بالحل وفي نفس الوقت قريبة منه،

كما يفسر رغبتها في ممارسة الحكم والسلطة بعيدا عن أية معارضة أو مخالفة لسياساتها. وإذا أضفنا إلى ذلك فرض التهدئة ولو من طرف واحد، سرا أو علانية، وتبريرها بالحفاظ على مصالح الشعب الفلسطيني،

أو عدم قدرة غزة على تحمل حرب أخرى فضلا عن الحصار المضروب عليها؛ فهذه كلها مصالح تنظيمية صرفة وليست مصالح الشعب الفلسطيني لا سياسيا ولا عقديا.

كما أن هذه السياسات والتبريرات تكذبها أيضا تصريحات د. الزهار نفسه وهو يتحدث عن «حل مشرف» للصراع مع،الكيان الصهيوني.

ففي مقابلة له على قناة الجزيرة (8-2-2009)

دعا الزهار إلى: «بذل الجهود للتوصل إلى اتفاق مشرف يحفظ للشعب الفلسطيني حقه وكرامته».‏

ولا ريب أن التحدث بلغة التشريف وحفظ الكرامة من شأنه أن يلغي ويسقط كافة الشروط المعلنة كالهدنة الطويلة أو الاعتراف بالكيان الصهيوني أو معارضة حل الدولتين باعتبارها مجرد أوراق سياسية ليس بعيدا أن تنتهي إلى «حل» لكن «بلا شرف»،

خاصة وأن قيمة ورقة الاعتراف لم تعد تساوي أكثر من قيمة ورقة المصالحة الفلسطينية في بورصات السياسة العربية.

آخر العنقود من التصريحات البغيضة هي تلك التي أدلى بها خالد مشعل حول العلاقة مع الولايات المتحدة، والتي ما سبقه إليها أحد من شياطين أوسلو ودايتون.

ففي مقابلة له مع شبكة «بي بي إس – 6/6/2010» الأمريكية قال: « ليست لدينا أي مشكلة من أي نوع مع الولايات المتحدة أو مع المصالح الأمريكية ».

هذا الكلام يقوله مشعل بينما تضع الولايات المتحدة حركة «حماس» على قائمة المنظمات الإرهابية!!!

كما أن مقر الحركة الصهيونية «إيباك» في واشنطن منذ سنة 1942، وأن الولايات المتحدة بزعامة الرئيس ترومان هي من قررت أن يكون النقب (صحراء فلسطين) ضمن حدود الدولة اليهودية قبل التصويت بقليل على قرار التقسيم.

لسنا ندري ما نقول إزاء هذا الجنون من التصريحات المهينة إلا أن يكون القوم قد فقدوا صوابهم وهجروا العقيدة والتاريخ والواقع.

حتى ياسر عرفات الذي قال عبارته الشهيرة، بعد توقيع اتفاق أوسلو، في واشنطن: «وجدت صديقا في البيت الأبيض» لم يعطوه شيئا!

بل هددوه وحاصروه وأذلوه وقهروه ثم قتلوه. فماذا ينتظر خالد مشعل من تبرئة أمريكا بحق الشعب الفلسطيني؟

وأي مكر أو خديعة حضّرها مشعل لأمريكا من وراء هذا التصريح!!؟

الساحر وخطاب السحرة

 كنا قد رددنا على خطاب الرئيس باراك أوباما في جامعة القاهرة بسلسلة مقالات طويلة بعنوان: «الساحر وخطاب السحرة: صراحة أوباما وصراحتنا »

خاصة وأنه طالبنا بنسيان الماضي فاضطررنا، وهو عدونا التاريخي، إلى تذكيره، رقميا، ببعض وقائع الماضي التي ما زالت جارية إلى يومنا هذا،

وقلنا له في حينه: «مشكلة الخطاب أنه يريد منا عدم التفكر في الماضي! أما أوباما فمن حقه أن يتذكر 11 سبتمبر جيدا، لكنه يتناسى تماما، ويريدنا أن ننسى كون الإدارات الأمريكية استعملت حق الفيتو في مجلس الأمن، ظلما وزورا وعدوانا، 36 مرة في 41 عاما ضد القضية الفلسطينية والقضايا العربية.

 وأن هذا يعني أن الولايات المتحدة وقفت وحدها في مجلس الأمن ضد الإجماع الدولي ومنعت إدانة،الكيان الصهيوني 36 مرة.

وينسى أوباما أن الولايات المتحدة رفضت حتى قرار محكمة العدل الدولية ضد،الكيان الصهيوني.

وينسى أن،الكيان الصهيوني حليف استراتيجي لأمريكا وتلتزم بأمنها ومصيرها أكثر مما تلتزم بأمن ومصير الولايات المتحدة. هذه هي الحقيقة التي يشهد عليها العالم الإسلامي وتشهد عليها المؤسسات الدولية قاطبة».

ولما يكون خالد مشعل ينكر هذه الحقائق فمن الأولى والإنصاف المعاملة بالمثل، وتوجيه هذه الفقرة له قبل توجيهها للرئيس الأمريكي. لا بأس ثانية. قل ما تشاء يا خالد مشعل. فقد قيل فيمن من قبل: «إن مما أدرك من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت».

حل الدولتين

سنفترض أن ما كتبناه أعلاه غير ذي بال. وأنه يدخل في نطاق مناورات «حماس» كما يحلوا لمناصريها ومؤيديها أن يبرروا لها تصريحاتها. وسنتغاضى عن تبريرات الحركة فيما يتعلق بدخول العملية السياسية وزعمها بأن المرحلة تجاوزت اتفاق أوسلو بالرغم أنهم واقعون في السلطة عبر مؤسسات أوسلو ومنظومته السلطوية بكافة مؤسساتها وعلاقاتها وهيئآتها. لا بأس.

لكن لنناقش مختلف جوانب الصورة فيما يتعلق بحل الدولتين حيث تسعى «حماس» إلى إنجاز مطلب الدولة الفلسطينية المستقلة دون الاعتراف ب،الكيان الصهيوني.

المشهد الأول: الثقة

ثمة من يبرر كل تصريح مريب لقادة «حماس» بأنه مناورة سياسية من قبل القادة وحكمة وذكاء وحنكة، لكن المشكلة تكمن في قصور الناس عن فهم سياسات «حماس» وليس في تصريحات الرموز.

وبالتالي فالمطلوب من الناس أن يكونوا على ثقة بأن «حماس» لن تفرط في الحقوق ولا في القضية الفلسطينية.

والحقيقة أن ما نسمعه أو نشاهده أو نقرأه ليس سوى أطروحة تنظيمية صرفة.

فإذا كان أبناء «حماس» ومناصريها ملزمون بطاعة قياداتهم فما هو المعيار المنطقي الذي يلزم أمة بها؟

هل الثقة بـ «حماس» وأطروحاتها وقياداتها موضوعا عقديا حتى تلتزم به الأمة؟

 ثم من قال أن الرموز معصومين من الخطأ أو الكذب حتى تكون الثقة بهم مطلقة؟

ألا يوجد في الأحكام الشرعية ما تجتمع عليه الأمة ويطمئنها إلا الثقة بقادة حماس؟

وماذا لو لم تكن الثقة في محلها ووقعت الكوارث؛ فما الذي ستجنيه الأمة من إيداع قضية بحجم فلسطين في مستودعات الثقة التنظيمية؟

فقد سبق وصرح إسماعيل هنية قبل أربع سنوات، لفضائية CBS (26) بأنه لن يرسل ابنه في عملية استشهادية،

وأنه يرغب في وقف إراقة الدم. ومنذ ذلك الوقت لم نسجل أية عملية استشهادية لأن «حماس» أوقفت هذا النوع من العمليات،

بينما ظلت أوساط «الإخوان» والحركة يبررون تصريحات «هنية» هذه بمداراة الغرب خاصة وأنه يتحدث أمام فضائية غربية! أليس هذا المثال البسيط بكاف لنسف مبدأ الثقة بالقيادة والمبررين لها؟

الدخول في دهاليز السياسة كمن يختار السير طواعية في حقل ألغام وهو فاقد لأهلية الخروج منه.

بمعنى أنك لما تدخل الحقل عليك أن تخضع لشروط المسير فيه وإلا سينفجر أحدها بك ويودي بحياتك.

والسؤال:

ما هي الشروط التي دخلت بها «حماس» حقول السياسة والعلاقات مع الغرب والتسوية والحلول السلمية؟

وما هي مصادر القوة لهذه الثقة التي ينبغي الركون إليها في المسائل المصيرية وليس فقط في عملية استشهادية؟

المشهد الثاني: الاعتراف بالكيان الصهيوني

يقول المدافعون عن مواقف «حماس» فيما يتعلق بحل الدولتين والاعتراف ب،الكيان الصهيوني أن «حماس» تقبل الدولة المستقلة، والكاملة السيادة على حدود العام 1967، وبدون الاعتراف بالكيان الصهيوني.

أي أن «حماس» لم تتخلّ عن ميثاقها، وبالتالي لن تتخلى عن الحق التاريخي في فلسطين من البحر إلى النهر. والسؤال المنطقي: هل تتوجه حماس بذات الخطاب إلى الولايات المتحدة والغرب والصين وروسيا؟

رغم أن التصريحات السابقة تقول بغير ذلك؛ إلا أن المدافعين عن أطروحة «حماس» يتحدثون بوجهين.

الأول:

يراهن على أن،الكيان الصهيوني لن تقبل بشروط «حماس».

والثاني:

يقول لنعطِ «حماس» فرصة ونرى، فهي متمسكة بعدم الاعتراف وهذا يحسب لها، ونحن نثق بها فلماذا لا تثقون بها؟

لكن بما أنه لا مستحيل في السياسة والعمل السياسي فعلينا توقع أن تقبل،الكيان الصهيوني والغرب بأطروحة «حماس» بقيام دولة فلسطينية مستقلة مشفوعة بهدنة أو بأية وسيلة أخرى.

هنا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار قدرات الخصم السياسية والدبلوماسية على المراوغة وإطالة أمد المفاوضات لعقد أو أكثر.

فما الذي يمكن أن يحصل خلال هذه الفترة الزمنية؟

وما الذي يمنع «حماس» من تقديم ورقة الاعتراف كلما بدا لها أن المفاوضات تسير في تقدم؟

ثم هل لدى «حماس» مناعة من دخول المفاوضات أو الانزلاق بها بحيث يمكنها التراجع إذا ما شعرت بعدم جدواها، أو لاحظت أن ما يجري هو استدراجها لفخ شبيه بفخ أوسلو؟

وهل تضمن «حماس» ثقة الشعب الفلسطيني بها إلى الدرجة التي تكفي أن يتقدم حيث تتقدم هي ويتراجع حيث تتراجع؟

المشهد الثالث: دولة مع هدنة

لنفترض أن «حماس» توصلت إلى اتفاق مع،الكيان الصهيوني على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس الهدنة.

فهذا يعني أنها إما أن تستغله لتهيئة الشعب والأمة للاعتراف ب،الكيان الصهيوني وإما أنها تعد العدة لتحرير ما تبقى من فلسطين.

والواقع أن خالد مشعل كان صريحا حين قال في كلمة وجهها إلى مجلس العموم البريطاني وصف فيها المقاومة لدى حركة «حماس» بأنها: «وسيلة وليست غاية». هذه العبارة جرت ترجمتها مؤخرا في المقابلة التي أجرتها معه شبكة « بي بي إس – 6/6/2010» الأمريكية

حيث قال: «الكيان الصهيوني هي التي بدأت الاحتلال، والمقاومة نشأت كردّ فعل. لذلك حين ينتهي الاحتلال، ستنتهي هذه المقاومة. الأمر بهذه البساطة.

إنْ انسحبت الكيان الصهيوني إلى حدود عام 1967، لن يعود للمقاومة الفلسطينية أي وجود».

هذا التصريح يعني أن «حماس» لن تتوقف عن المقاومة فحسب بل وعن الإعداد.

وهكذا لا مقاومة ولا جهاد، ولا هذا النوع ولا ذاك. لكن لنفترض أن الشعب الفلسطيني رفض الاعتراف في استفتاء عام فهل ستقبل،الكيان الصهيوني بهذه النتيجة؟

وهل ستكون «حماس»، بالمقابل، جاهزة لإعلان الحرب عليها؟ أم أنها ستطارد من يقاتل،الكيان الصهيوني؟

المشهد الرابع: خداع «حماس»

حقا فالحرب خدعة. فقد يقول قائل أن توصل «حماس» إلى تسوية مع الكيان الصهيوني سيكسبها الوقت في الإعداد للمعركة الفاصلة معها بحيث يمكن تحرير باقي أجزاء فلسطين نسبيا أو كليا أو على مراحل.

فـ«حماس» ليست من الغباء أن تكشف أوراقها أو نواياها. لكن ماذا عن نوايا وخطط الطرف الآخر؟ هل هو نائم؟ أو مغفل لدرجة يمكن معها لحركة صغيرة أن تخدعه طوال سنين التهدئة؟

فاليهود ملة بشرية من النوع الذي ينهشها الخوف على مر التاريخ. وفي كل تسوية أو حوار أو محاولة للتفاهم السياسي معها يكون مصطلح الأمن لديها حاضرا في كل شارع ومنزل وزاوية وسرداب وكهف وخندق وواد وسهل وجبل ومؤسسة ومصنع وورشة ومدرسة وجامعة ومسجد ومعتقد ونظام وحتى نمط حياة واجتماع، ومهيمنا على كافة البنود الأخرى مهما كانت أهميتها بالنسبة للخصم.

هذه هي الشخصية اليهودية، وهذه هي سماتها. شخصية لا يروقها الجوار الحضاري أو التعايش الثقافي ولا تستحي من سلوكها.

فإن لم يقع ردعها بالقوة المسلحة، كما هو حالها عبر التاريخ وبين جميع الأمم والشعوب، فلن ترتدع بالمفاوضات والمساجلات.

فهل من العقل الاعتقاد بأن «حماس» ذاهبة لإعداد العدة !!؟

وهل من العقل وقف القضية على قارعة الزمن ومطالبة الأمة أن تتحلى بالثقة وتصمت حتى يتم الإجهاز عليها؟

لعله من الطريف التذكير بأن الترتيبات الأمنية بين السلطة و،الكيان الصهيوني عقب توقيع اتفاق أوسلو 1993 تدخلت حتى في نوعية الطلقات التي تستعملها قوات الشرطة الفلسطينية ومداها النهائي.

المشهد الخامس: الفشل

بعد شهور أو سنين تبين لـ«حماس» أن عملية التسوية فاشلة ولا جدوى منها خاصة وأن عناصر فشلها أكثر من نجاحها.

فقد سبق لعرفات أن واجه نفس الموقف وأقرّ بأن الكفاح المسلح كان أهون عليه ألف مرة من التفاوض مع الكيان الصهيوني.

فما هي الخيارات المتاحة أمام «حماس»؟ لنسأل السؤال بطريقة أخرى: لو افترضنا أن،الكيان الصهيوني رفعت الحصار عن قطاع غزة اليوم؟

هذا الأمر حقيقة كشف النقاب عنه منذ بضعة أيام عبر ما عرف بخطة وزير خارجية الكيان الصهيوني أفيغدور ليبرمان القاضية بـ: «رفع مسؤولية الكيان الصهيوني عن قطاع غزة بشكل كامل وجعله كياناً مستقلاً تماماً»،

فما الذي أعدت له «حماس» لمواجهة موقف من هذا النوع؟ لا شيء.

 إلا أنها رفضت المشروع على لسان المتحدث باسمها سامي أبو زهري. أما لماذا فعلت ذلك؟

فلأنها ترى فيه: « انتزاع ثمن سياسي يتمثل بإعفاء،الكيان الصهيوني من مسؤوليتها القانونية والعملية عن القطاع ».

فعن أية مسؤولية قانونية وعملية يتحدث هؤلاء؟!

والحقيقة أن «حماس»، مبدئيا، غير قادرة على تحمل مسؤولية سياسية بهذا الحجم لأنها لا تمتلك تصورا دقيقا عما تؤمن به أو تسعى إلى تحقيقه،

ولا تدرس خيارات الواقع ولا تطورات المستقبل ولا هي مدركة لنمط التفكير اليهودي. فكيف يمكن لها أن تنجح في تسوية؟

ومع ذلك لنقل أن التسوية فشلت لأكثر من سبب فما هي الخيارات المتاحة أمام «حماس» للعمل بها؟

الخيار الأول:

أن تعلن «حماس» فشلها وتنسحب من العملية السياسية كي لا تتهم بالتفريط.

لكن هل تستطيع أن تعود إلى مربع المقاومة أو الجهاد بعد أن تكون قد استنزفت نفسها؟

الخيار الثاني:

أن تواصل سقوطها في مستنقع التسوية وتنتهي لما هو أسوأ مما انتهت إليه منظمة التحرير.

وفي هذا السياق فإن تاريخ فروع الإخوان المسلمين لا يبشر بخير سواء في أفغانستان أو العراق أو الصومال أو الجزائر أو في علاقاتهم بالسلطة أيا كانت هويتها.

الخيار الثالث: أن تعود إلى كونها جماعة دعوية أو خيرية أو اجتماعية. لكن من سيثق بها؟ ومن سيؤمن بدعوتها آنذاك؟

أخيرا

في 24/5/2010 نظمت حركة حماس لقاء مطولا مع خالد مشعل في قاعة أفراح المزّة جنوبي العاصمة السورية دمشق بعيد لقائه مع الرئيس الروسي ميدفيدف، وحضر اللقاء جمع من الصحافيين والكتاب والإعلاميين، وفي مدخل القاعة انتشرت عناصر الأمن لمنع دخول كاميرات الفيديو،

وطُلب من الحضور عدم تسجيل اللقاء بكاميرات الفيديو، إذ اقتصر التوثيق على كاميرات حماس.

ولما دخل خالد مشعل قاعة اللقاء صحبة عزت الرشق، وطالب الحضور، ثانية، بعدم تسجيل اللقاء بكاميرات الفيديو أو مسجلات الصوت، قائلاً: أن حماس فقط من يوثق اللقاء بالكاميرات.

خلال اللقاء توقف أحد الحضور قائلاً لمشعل: كيف تقبل بقيام دولة فلسطينية على حدود 67،

وفي نفس الوقت تجاهر برفض الاعتراف ب،الكيان الصهيوني، ما هو الفرق؟

 بدت علامات الانزعاج على وجهه، إلا أنه قال: نعم أوافق على حدود العام 1967، لكننا نرفض الاعتراف بالكيان الصهيوني،

وبدأ شرح الفارق بينهما،

قائلاً: أن رفضنا للمبادرة العربية نابع من رفضنا الاعتراف بالكيان الصهيوني،

وأننا لم نقبل يوماً بصيغة حل الدولتين بل وافقت على حل باستعادة الأراضي حتى حدود العام 1967 دون الاعتراف ب،الكيان الصهيوني.

بطبيعة الحال استمرت الأسئلة تلاحق مشعل، وسط قدرة عجيبة على التهرب من الإجابات، إلى أن فوجئ الحضور بأحد الصحافيين، يسأل أبو الوليد:

أنتم تحدثتم عن لقائكم المطول مع الرئيس الروسي ميديديف، وشرحتم وجهة نظر حماس وما طرحتموه على الرئيس الروسي؛

فما هو رد الرئيس الروسي؟ أما خالد مشعل فقد أجاب قائلاً: لست مخولاً بإعلان ردود الرئيس الروسي على مقترحاتنا! فمن هو المعني إذن؟

ومن هو المخول بإعلام الأمة بمواقف خصومها؟ وما قيمة الحوار مع رئيس دولة عظمى لا يدري الشعب الفلسطيني ولا الأمة ماذا قيل فيه؟

 سؤال: ما الذي يخيف حماس من توثيق اللقاء؟ وما الذي تخفيه؟ وهل ما يتحدث به مشعل هو نفس الخطاب الذي يتحدث به إلى وسائل الإعلام؟

وهل ما قاله الرئيس الروسي غير ما قاله خالد مشعل؟ إن لم يكن ثمة إجابات كالعادة فهو المؤشر القاطع على أن الدورة التاريخية ماضية في طريقها.

من د. جمال عبد العزيز

مستشار تعليمي عضو هيئة التدريس -كلية دار العلوم- جامعة القاهرة [email protected]