أرجو أن أكون خاطئا، لكن لا يوجد ما يؤشر على أن لدى قيادة حركة حماس رؤية إستراتيجية للتعاطي مع التحولات التي تشهدها الضفة الغربية؛ رغم أن هذه التحولات توفر بيئة لتغيير الواقع السياسي على الصعيد الوطني برمته وتفتح افاقا للتخلص من إفرازات أوسلو وما أسفر عنه من انقسام.

لا يشي سلوك قيادة حماس بأنها تعي الفرص الهائلة التي تنطوي حالة المقاومة في الضفة التي تنذر بانتفاضة جديدة متزامنة مع تراجع مكانة السلطة في الضفة.

فهذا الواقع لا يؤذن فقط بإضفاء شرعية وطنية على المقاومة كخيار وحيد، بل يوفر بيئة تسمح ببروز قيادة وطنية تعبر عن الشعب وتطلعاته.

على حماس أن تعي أن استنفاذ الطاقة الكامنة في الفعل المقاوم في الضفة سيفضي إلى تعويم الواقع السياسي في الضفة الغربية وغزة معا بشكل ينهي الانقسام على أساس احترام خيار المقاومة وليس على أساس الخصم من قيمتها، كما كان يطرح في السابق.

حماس ليست مطالبة بمناشط تكتيكية فقط لضمان تأجيج حالة المقاومة في الضفة، بل الأهم أن تكون لديها تصور إستراتيجي شامل،

وضمن ذلك مشروع برنامج وطني يطرح على الفرقاء في الساحة الفلسطينية لضمان التوافق عليه مع الاستعداد لتقديم كل التنازلات «التنظيمية» التي تضمن اعتماده.

إن كانت مكانة حماس تفرض توجيه اللوم لها بشكل خاص، لكن جميع مكونات الشعب الفلسطينية مطالبة بالانخراط معا في تحركات جذرية لتوظيف هذا المسار وإحالته إلى صفحة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني، مع العلم أن فشل هذا المسار سينطوي عليه تداعيات بالغة الخطورة على قضيتنا.

كما أن الفلسطينيين جميعا مطالبون بالتصدي أيضا لتحركات نظم حكم عربية تعمل حاليا بشكل غير مباشر لوأد حالة المقاومة في الضفة بناء على طلب الكيان الصهيوني أو خوفا من أن تسفر الأوضاع في الضفة وغزة عن تهديد لاستقرار هذه الأنظمة.

من د. سعيد عيادي

أستاذ علم إجتماع المعرفة بجامعة البليدة، الجزائر