جاء الإسلام دينًا وعقيدة وهدى، للعالمين في كل زمان ومكان، كما جاء خاتمًا للرسالات والنبوات. ولذلك فإن به من كليات الهداية ومن الدلالة على الإيمان ما يكفي للبشرية كافة،

وما يناسب جميع المستويات العلمية والاجتماعية. كما أن به من دلائل الإعجاز في كل المجالات ما يكفي للتدليل على صدقه وأنه من عند رب العالمين.

وبه ما يواجه كل المعطيات العلمية الحديثة ويتحداها في شموخ وثقة وبلا تكلف.

من أجل ذلك

واجه الإسلام مؤامرات داخلية وخارجية يشيب لها الولدان ولا يتحملها دين من الأديان،

فيكفي أي دين عُشر ما تعرض له الإسلام من مؤامرات ليضيع وينتهي ويتلاشى تأثيره وتندثر معالمه.

 ظهرت في الإسلام فرق عقائدية وكلامية وسياسية من: شيعة وخوارج ومرجئة ومعتزلة..

كل فرقة أحدثت وجعًا وألمًا وشرخًا في جسد الإسلام.

فالشيعة

أصبحت دولة وفكرًا وثقافة.. تنتشر في أرجاء العالم، وكل هدفها محاربة الإسلام الصحيح والكيد له والتحالف مع أعدائه..

يكفي أن الدولة الصفوية الشيعية قتلت مليون سني ولم تقم إلا على أشلائهم.. وكذلك فعل العبيديون والقرامطة.. وكذلك تفعل إيران الحديثة.

وكان الخوارج حربًا على الإسلام ودولته،

وأراقوا الدم الحرام، وخرجوا على دولة الإسلام الفتية وأرهقوها وشغلوها وعطلوها عن الفتوحات..

وكانت لهم دول وحكومات وأراض شاسعة يسيطرون عليها.. ولولاهم لوصل الإسلام إلى أقصى الشرق في الصين واليابان وكوريا وأستراليا.

والمرجئة

لم يريقوا دماء المسلمين ولكنهم عبثوا في عقيدتهم عبر تعريف مغلوط وفاسد للإيمان، صححوا به عقيدة وإيمان كل الناس وتغافلوا عن نواقض الإيمان وما يخرج المسلم من الدين،

فأفسدوا إيمان الناس وزرعوا فيهم التواكل والاعتمادية والكسل، وأصبحوا دعمًا عظيمًا للحكام الظلمة،

لأنهم صححوا إيمانهم وقالوا إن ما يرتكبونه من ذنوب موكول إلى الله وهي مغفورة لهم في الآخرة.

 أما المعتزلة

فاشتغلوا بالفلسفة وركبوا عقولهم بدون ضابط من الوحي والشرع، وأرهقوا الأمة والعلماء في معارك كلامية لا معنى لها ولا يترتب عليها عمل،

وأورثوا أجيال المسلمين عقيدة مشوشة، رغم دفاعهم عن الإسلام في مواجهة الفلسفات والأديان والمناهج المناهضة.

 ورغم إن الصوفية ليست فرقة عقائدية أو كلامية أو سياسية، إنما هي منهج عملي لإصلاح النفس وتزكيتها،

ألا إنها أصبحت عبر السنين والممارسات، أشد من الجماعات السابقة، في مناهجها الضالة التي تأثرت بالفلسفة وبالفكر الهندي والفارسي واليوناني،

وبلغ بهم الشطط مبلغًا لا يصدقه عقل في الانحراف وإضلال الناس عن بساطة وصفاء عقيدة الإسلام التوحيدية.

الكيد الخارجي للإسلام

أما الكيد الخارجي للإسلام من قوى الصليبية العالمية والصهيونية ومن الفارسيين القدامى والجدد.. وأهل الكفر عمومًا.. فأمر يدركه أبسط الناس علمًا وأقلهم وعيًا.

لكن الملاحظ

أن هناك رابطًا يربط فرق الإسلام الضالة (التحدي والتهديد الداخلي)، مع أعداء الإسلام الخارجيين (التحدي والتهديد الخارجي).

وقد ذكر أبو حامد الغزالي في كتابه “فضائح الباطنية”، أنه بعد زوال ملك كسرى، اجتمع قوم من المجوس والملاحدة والفلاسفة والثنوية والمزدكية والزرادشتية،

وعقدوا مؤتمرًا فيما بينهم، وتشاوروا كيف يكيدون للإسلام، وكيف ينتقمون من هذا الدين؟

وخططوا لذلك وكان من جملة ما خططوا له أنهم وضعوا اعتقادًا فاسدًا وخليطًا من فلسفاتهم وعقائدهم، وقالوا ننفذ بها إلى المسلمين،

فاتفقوا على عقيدة الروافض الفاسدة التي ألفوها وجعلوها مدخلاً للطعن في الإسلام وإفساده وهدمه من داخله عبر الفكر الباطني،

لأن المجوس لم يتقبلوا نفسيًا أن تزول دولتهم العظيمة وحضارتهم على أيدي العرب البدو البسطاء الذين كانوا يعتبرونهم عبيدًا رعاعًا لا قيمة لهم.

ونضيف إلى كلام الغزالي أن اليهود لم يكونوا بعيدين عن هذا التخطيط وهذا المؤتمر، حتى جاء دور ابن سبأ اليهودي للتنفيذ، فكان هو المدير التنفيذي ورأس الحربة لهذا المشروع والتخطيط التآمري،

أما المراقبون والمستشارون والخبراء والمخططون… فكانوا خلف الستار، لكنهم يراقبون ويتدخلون عن بعد في الوقت المناسب،

حتى نجح ابن سبأ في استثارة الناس، ودفعهم للخروج على خليفة المسلمين عثمان رضي الله عنه، فقتلوه،

ثم بدأت الفتن والأحداث الكبرى المؤلمة في تاريخ المسلمين بتأثير هذا المشروع التآمري..

وفي نفس الوقت تكونت فرقتا الشيعة والخوارج على يد هذا العنصر الخارجي ورأس الحربة في المؤامرة التي حيكت ضد المسلمين (ابن سبأ).

لو أن أي دين آخر تعرض لكل هذا الكيد والتآمر والبلاء والانقسام والمكر السيئ.. لانتهى.

لكن الإسلام ما زال بخير، وما زالت روحه وعقائده وإعجازه وقرآنه وصحيح سنة رسوله وإبداع علمائه في إبانته وتوضيحه..

كل ذلك مازال قائمًا وموجودًا بلا تحريف.. يحيي القلوب ويسعدها ويشفي النفوس ويهدي العقول إلى أقوم الطريق.. فاللهم لك الحمد والشكر على نعمة الإسلام والإيمان.

من د. منير جمعة

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين