أبالسة اليوم..  الذين يسعون في آيات الله معاجزين؟

ـ تحدث القرآن الكريم عن الذين يسعون في آيات الله معاجزين في ثلاث آيات هي:

١ ـ [والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيمِ] الحج: ٥١.

٢ ـ [والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم] سبأ:  ٥.

٣ ـ [والذين يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون] سبأ: ٣٨.

ـ والمفسرون فسروا هذه الآيات الكريمة وحددوا هؤلاء المعاجزين بأنهم: (الذين يسعون في الصد عن سبيل الله والتكذيب بآياته وتكذيب رسله،

والذين يسعون في إبطال آيات الله بشتى السبل، مشاقين الله مغالبين أمره، مُقَدِّرين أنهم سيعجزون الله ويفوتونه فلا يعذبهم،

أولئك أصحاب الجحيم: يلازمونه كما يلازم الصاحب صاحبه، ولهم أشد العذاب في الآخرة، وهم الخاسرون في الدنيا المعذبون في الآخرة).

– ولكننا اليوم، وبعد أن تعددت أنواع وأشكال الذين يسعون في آيات الله معاجزين،

وبعد أن كثروا وتكاثروا وملأوا الآفاق، وبعد أن تغيرت الأساليب من التكذيب المباشر إلى التشكيك والتشويه وبذل الجهد في الصرف عن آيات الله والصد عنها..

بعد ذلك كله، يمكننا في ضوء الآيات الكريمة، أن نطور الحديث عن هؤلاء ليشمل قطاعات متعددة هكذا:

سياسيًا:

هم أولئك الذين جعلوا الإسلام عدوهم الأول، فهم يعدون الخطط والبرامج لحصار الفكرة الإسلامية وتشويهها وتحذير الناس منها،

وحصار الداعين لها والتنكيل بهم، بحجج واهية أهمها وصم الفكرة الإسلامية الصحيحة بالإرهاب ثم بداعي محاربة الإرهاب تتم كل الجرائم..

والعجيب أن هذه الحرب دائرة في بلاد المسلمين وفي غير بلاد السلمين، وربما كانت أشد حدة في بلاد المسلمين.

والأبالسة هنا يلبسون على الناس ويكذبون ويزيفون الحقائق للوصول إلى أهدافهم الخبيثة.

وفكريًا:

فإن الأبالسة هنا هم الذين يرسخون المبادئ والأفكار والنظريات والفلسفات ويؤلفون الكتب ويدبجون المقالات، في تنفير الناس من الإسلام: كقيم ومبادئ وأفكار ونظريات، ثم التنفير من الداعين إليه بوصفهم أنهم كذابون وطالبو سلطة وحكم ورجعيون ومتخلفون.

– وثقافيًا: عن طريق ترجمة ما سبق إلى خطط ومناهج وسياسات في إدارة الشأن الثقافي:

فنجد الأبالسة هنا يتبارون في إصدار الكتب والنشرات والمجلات، وحيث الندوات والمؤتمرات، وحيث المناشط المختلفة.

ففي كل ذلك تكون الفكرة الإسلامية مضطهدة محاربة، ويكون الداعون إليها محل اتهام دائم.

واقتصاديًا:

فإذا دعا الداعون إلى تطهير الاقتصاد من الربا وضد كل ما يخالف الشريعة، خرج المنظرون والأكاديميون الاقتصاديون الأبالسة لوصفهم بالرجعية والجهل والتحجر والانغلاق، لأن العالم كله يسير على هذا المنوال ومن يعترض فهو جاهل رجعي.

وفنيًا:

حيث يسيطر على هذا المجال المتحررون من القيم والأخلاق، والراغبون في الكسب المادي بأية وسيلة، والمتاجرون بالغرائز، فيسخرون جهدهم عن طريق الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، لتشويه الأفكار والقيم الإسلامية،

وتشويه الداعين إليها، ويخوضون حربًا يعتقدون أنها مقدسة، ضد الإسلام ودعاته، وكل عملهم إنما هو دعم للباطل ومحاربة الحق بالكذب والتشويه والاختلاق والتزييف.

ورياضيًا:

حيث يبني قادة هذا المجال خططهم على أساس الترفيه والشكل والإعلانات والمكسب المادي، في حين أن الرياضة أساسها تكوين الجسم السليم وإعداد الشاب للجهاد في سبيل دينه وأمته ووطنه، أو على الأقل دفع المواطن العادي لممارسة الرياضة حتى يقوى جسده ولا يكون فريسة للمرض. وأساس الرياضة: السباحة والرماية وركوب الخيل. ولكننا نرى الرياضة عندهم هي التشجيع فقط الذي يؤدي إلى التعصب وليست الممارسة التي تقود إلى الأخوة والتسامح. فإذا مارسها البعض بأدب واحترام وتدين وأخلاق، فإن هؤلاء ينبذونه ويحاصرونه ويجبرونه على الهروب والخروج من بيته وبلده ومن بين محبيه.

ودينيًا:

وهذه كارثة الكوارث، فالمفترض في القائمين على الأمر الديني أنهم شيوخ يبلغون عن الله، وأن وظيفتهم هي البيان، وهي نصرة الحق ومحاربة الباطل، لكن نجد أنهم في الغالب هم البلاء وهم أصل المشكلة، فنجدهم يؤيدون الباطل ويحاربون الحق، رغبة في منصب ومال ودنيا زائلة.

وأخيرًا:

فإن الأبالسة حولنا وفي كل مكان، ولم ينتهوا بوفاة رسول الإسلام ، ولا الصحابة، ولا التابعين… هم موجودون حولنا كما رأينا في كل المجالات… فلنحذرهم ولننتبه إلى ألاعيبهم ومكرهم.

من د. منير جمعة

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين