كتبت من قبل عدة مرات بشأن الصوفية، وقررت فيها عدة حقائق أظنها هامة:

فالصوفية الحقة حفظت بيضة الإسلام في كثير من بلاد العالم الإسلامي من دول الاتحاد السوفيتي الشيوعي إلى أفريقيا ضد الحملات التنصرية؛

بالدعوة والتربية سراً وجهراً تارة، وبالجهاد والقتال تارة أخرى

وكان أبطالها كباسييف الجد والابن وعثمان فودي والمختار والجزائري والخطابي وغيرهم من سادات المسلمين.

وهذا خلافاً للأكاذيب التي روجت -ومازالت- لعقود بدفع المال السعودي الفعال للزعم بأن الصوفية هي التي غيبت وعي الأمة وفتحت الباب لكل محتل في تاريخها،

بينما لم يقاتل أولئك في تاريخهم إلا المسلمين في عمان والعراق واليمن، كما قادوا ومازالوا المؤامرات ضد الإسلام في الجزائر ومصر.

كما ذكرت أننا نحتاج اليوم إلى التربية الصوفية التي تقوم على علوم الحقائق «وهو ما امتدح به ابن تيمية الصوفية» بجوار علوم الشرائع؛

وذلك في ظل قساوة وضراوة المعترك السلطوي السياسي ضد حملة لواء الإسلام،

والتغول الإعلامي بأنواعه ضد الدين نفسه واستعماله من المنصرين والملاحدة وأضرابهم،

وما تركه تعميم التيارات التراثية البدوية الجافية من جفاء وجفاف يقوم ضد حقيقة التدين ونداوته والمشاعر الإيمانية المشبوبة لله ورسوله وأمته.

كما يوجد من الصوفية خرافيون كراماتيون مهووسون يتنشقون البخور ويحرقونه بأوراق الحشيش،

ويغيبون الأمة في متاهات وترهات وأكاذيب حقيقتها وخلاصتها الانخلاع من ربقة الشريعة،

ومجافاة التوحيد ونبذ السنة، وفي أعطاف هؤلاء تعشش عناكب الضلال الرسميين وغيرهم، وهم الذين يملأون الشاشات اليوم كاتجاه رسمي للدولة.

وفي رأيي أن هؤلاء إنما يدافعون عن وجودهم ذاته،

فالنظام نفسه لا يعنيه كثيراً تفاصيل خرافاتهم وخزعبلاتهم،

بدليل تغييب السيد نقيب الأشراف وغيره كمشيخة الطرق الصوفية بمصر لصالح تلك الفئة التي يقودها المفتي الأسبق د. على جمعة

أو (المتحدث باسم المجلس القومي للمرأة حالياً) ومجموعته التي تم إعدادها خلال سنوات.

ولا مانع من الزج بهم في الصراع مع القوى السلفية بمدارسها المختلفة،

باعتبار المعركة آمنة نسبياً، وهي مشغلة أخرى بالإضافة للمعركة الأشعرية السلفية،

ويظهر فيها كل غافل ومعتوه كذلك الذي خرج يتطاول على الشافعي وأمثاله من الجبناء والمخذولين.

من عبد الرحمن محمد جمال

مدرس بجامعة دارالعلوم زاهدان - إيران، مهتم بالأدب العربي وعلوم الحديث وقضايا الفكر والوعي الإسلامي.