أنا أزهري وأعتز بانتسابي للأزهر، وتربيت في أروقة كلية أصول الدين، وتتلمذت على يد العلامة الدكتور (محمود محمد عمارة) طيب الله ثراه، وكنت في يوم من الأيام أحمل لقب شيخ، وأرتاد المنابر، وأخطب في الناس.

لكنني لا يمكن أبدا أن أنا أصاب بهوس التعصب للأزهر على حساب الحق، وأمنح القداسة والعصمة لكل من تخرج منه وحمل شهادته.

وحينما يهاجمني وقح، يراني أعيب بعض علمائه المنحلين، وغلمانه المتهورين، يتخيل الأبله أنني أحارب الأزهر كله،

وكأنه يطالبني أن أتعامى عن المفسدين الذين يتبرأ الأزهر نفسه من أمثالهم، ويشعر بهم ثقيل وهم يحملون اسمه وصفته ويلبسون زيه.

قام أزهري بالأمس حينما ذكرت أن الشيخ الحويني وأستاذه الألباني فاقا كثيرا من علماء الأزهر في فن الحديث، واتهمني بالعجز في الكتابة والإفلاس اللغوي.

وأنا لا أحب الانتصار لنفسي، ولو شئت لأنزلت عليه من لهيب اللغة ما يحرقة ويفجعه ويعجز عن مجاراته والصمود أمامه،

أو يصيبه بأزمة نفسية يلزم معها بيته مريضا مهزولا كسيحا، وكيف أكون مفلسا، والكتابة صنعتي والقلم رفيقي؟!

إنها لا تعدو إلا أن تكون تهمة حاقد، أو شطحة جاهل.

لقد أعمته الغيرة عن هذا الخبث المروع الذي اجتاح الأزهر ممن لا يليقون بالانتساب إليه،

ويريد بقوة أن يمنح كل من ينتسب إليه وسام الطهر والقداسة، وهو لا شك في حمية الجاهلية، وضلالها المبين.

لقد أخذ يذكر أسماء علماء لا يدري بهم أحد، ولم يسمع عنهم طالب علم من قبل،

ويريد لهم بقوة أن يرفعهم على مسامع الأشهاد، وإذا احتكمنا للتراث العلمي الذي تركه الألباني ويقدمه الحويني، لرأينا عمالقة،

يذكروننا بهمة علماء السلف الصالح من هذه الأمة في التعليم والفتيا.

لكن العصبية للأزهر تعمي أمثاله عن الحق.

انظر معي هنا لأحكي لك قصة،

أجعل منها حربة مطعمة بالسم الزعاف، ألقيها في قلب كل متعصب للأزهر على غير حق.

كنت في رحلة إلى نيجيريا من سنوات خلت، والتقيت بأحد المسئولين عن العمل الخيري والإسلامي هناك،

وتطرق بنا الحديث إلى البعثة الأزهرية، وأحوال شيوخها ودعاتها.. وكيف أنهم يؤدون واجبهم الدعوي في هذه البلاد.

فكان مما حكى وذكر: أن أحد هؤلاء الشيوخ تقدم للزواج بفتاة نيجيرية سوداء، وظلت معه زوجة يستمتع بها، وحملت منه وأنجبت ولدا أسمرا،

وبعد أن قضى فترة عمله، تركها وسافر ولم يعد له أي صلة بها، ترك المسكينة وولدها بعد أن تزوجها للمتعة فقط، يقضي وطره ويجمد شهوته.

امتعضت من هذا النبأ، وقلت له: كيف يفعل هذا وهو واعظ أزهري يمثل الدين ويعرض الإسلام؟!

ألهذا الحد يموت ضميره، ويتجرد من أخلاقه، وكيف كان إذن تصرف المسكينة مع هذه الصدمة؟

قال لي محدثي المصري:

إننا لم نسكت، فقد جئنا بها وبولدها، وجهزناها للسفر إلى مصر وأعطيناها عنوان الشيخ الواعظ الندل واسم بلده ومحافظته،

واتصلنا بمن نعرفهم في مصر لكي يستقبلونها وولدها ويوصلونها إلى الشيخ الهارب،

حتى وصلت إليه وكانت فضيحته المدوية أمام أهله وقريته.

أرأيتم يا أزاهرة، كيف خرج من الأزهر شيخ لا ضمير له ولا خلق ولا رجولة ولا مروءة، شيخ لم يؤثر فيه القرآن، أو تربيه الأحاديث النبوية، فعلى أي شيء تتعصبون.

ألم يعلمكم الأزهر كما علمني، أن العصبية لا تكون إلا للحق أولا وأخيرا؟!

ما أقبح منطقكم وأهذى بيانكم.

هل أزيدك من القصيد بيتا؟

وأيم الله لقد كان طلاب الأزهر في معهد منوف الديني، وفي امتحان القرآن الشفوي، يمزقون صفحات المصحف الشريف في دورة المياه لتدهسها أقدام المتبولين.

أرأيت كيف انتسب للأزهر فجرة أبناء فجرة؟