الأمة ووكالات

صراع سياسي عميق في ليبيا، وتهدئات هشة، وهدوء قلما يطول.. والنفط ثروت يرتفع إنتاجها وينخفض مع كل اقتتال وسلام.. ومؤخرًا ارتفع إنتاج النفط الليبي منذ يوليو الماضي، ما أعاد الأمل في أن تستقر صادرات الدول الأعضاء في منظمة “أوبك”، وأن يوفر ذلك، انفراجة “ولو مؤقتة” في السوق العالمية.

 

وبلغ متوسط الصادرات الليبية حوالي 589 ألف برميل يوميا في يوليو، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 2020، لكن الشحنات تضاعفت في النصف الثاني من الشهر.

 

الحفاظ على هذه الوتيرة، مرتبط وفق تقرير لوكالة بلومبرغ، بما ستؤول إليه الأوضاع في ليبيا، والتي تعرف تقلبات مستمرة منذ أكثر من عشرة أعوام، رغم المساعي الدولية لمساعدة هذا البلد في تجاوز أزمته وإنجاح عملية الانتقال السياسي المتعثرة.

 

انتعاش مبيعات النفط في ليبيا، جاء إثر إبعاد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، مصطفى صنع الله، “المختبئ الآن في تركيا” على حد وصف بلومبرغ، بعد وصول القوات الحكومية إلى مقرها في العاصمة طرابلس في منتصف يوليو.

 

ومنذ إبعاده، أقنعت الحكومة الميليشيات بإعادة فتح العديد من حقول النفط والموانئ، حيث خففت الشحنات الإضافية الضغط على سوق الطاقة الأوروبية المتوترة. 

 

ومع ذلك، فإن طبيعة إقالته، تبرز الانقسامات السياسية العميقة التي لا تزال تعصف بالبلاد.

قال جليل حرشاوي، المتخصص في شؤون ليبيا في حديث لبلومبرغ، إن “القرار أصبح مثار جدل كبير بين السياسيين في طرابلس”، وأضاف “ستكون هناك كل أنواع الأزمات على المدى القصير، من انعدام الأمن إلى الاشتباكات المحتملة”.

 

وكان وزير النفط، محمد عون، قال لبلومبرغ الأسبوع الماضي، إن إنتاج الدولة الواقعة في شمال إفريقيا قد تعافى إلى المستويات الطبيعية عند حوالي 1.2 مليون برميل يوميًا.

 

وانهار الإنتاج في منتصف أبريل عندما أجبرت تظاهرات على إغلاق العديد من مواقع النفط ومحطات التصدير.

 

وطالب متظاهرون، من عبد الحميد دبيبة، رئيس الوزراء المعترف به من قبل الأمم المتحدة والمقيم في طرابلس في الغرب، بالتنحي، لصالح منافسه فتحي باشاغا، الذي يتولى أيضا رئاسة الوزراء ويحظى بمعظم دعمه من برلمان طبرق شرقي البلاد.

 

واعتبرت خطوة حكومة دبيبة لاستبدال صنع الله بفرحات بنجدرة، محافظ البنك المركزي السابق في عهد الديكتاتور الراحل معمر القذافي، وسيلة لاسترضاء السلطة في الشرق، بما في ذلك خليفة حفتر، وهو جنرال يسيطر أنصاره على العديد من حقول النفط الليبية.

 

وأقحمت المؤسسة الوطنية للنفط في السياسة الليبية خلال فترة قيادة صنع الله، الذي كان رئيس مجلس الإدارة منذ 2014 وكثيرا ما تفاوض مع شركات الطاقة العالمية. 

 

وحاول وزير النفط، في حكومة الدبيبة، عدة مرات إقالة صنع الله حيث ساهم تعينه وزيرا مطلع العام الماضي، في إنهاء الفراغ الذي سمح لـصنع الله بإدارة قطاع الطاقة بشكل فردي.

 

وبينما يرى محللون أن الخلاف بين الدبيبة وباشاغا لن يحل قريبا، يجمعون على أن من الصعب على المؤسسة الوطنية للنفط الحفاظ على تدفق النفط الخام عند هذه المستويات، ناهيك عن الوصول إلى هدف إنتاج الحكومة الذي يتراوح بين 2 و 2.5 مليون برميل يوميًا في غضون خمس سنوات.

 

إلياس صديقي، المدير المساعد في شركة Whispering Bell لإدارة المخاطر قال معلقا على ذلك: “إنها لحظة سلام هش منذ أن وصلت الانقسامات السياسية إلى مستويات عالية جديدة”. 

ثم تابع “من المرجح أن تحتفظ المؤسسة الوطنية للنفط بقرارها للأشهر القادمة، لكن السياق الحالي يمثل تحديًا لشركات النفط الدولية العاملة على الأرض”.

 

وليبيا غارقة في الفوضى منذ الإطاحة بالقذافي في عام 2011. 

 

وكان هناك هدوء نسبي منذ أن اتفقت الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار في منتصف عام 2020 لكنها بدت هشة بشكل متزايد بعد إلغاء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي كانت مقررة في ديسمبر الماضي.