منذ أن أقام النبي دولة الإسلام في المدينة والنفاق في الداخل أصبح جزءا من المنظومة المعادية للإسلام، ولا يشن عدو حملة عسكرية كانت أم سياسية إلا وكان المنافقون الطابور الخامس في صفوف الأمة منذ العهد المدني إلى يومنا هذا!

 ولم يعد مصطلح النفاق الشرعي شائعا في المشهد السياسي المعاصر وظن الكثير بأنه لم يعد له وجود والحقيقة بأنه ازداد علوا وخطرا مع ما تواجهه الأمة من حملات صليبية أمريكية وروسية وأوروبية في كل البلدان سواء عسكرية مباشرة كما في العراق وأفغانستان وسوريا واليمن والشيشان ومالي أو سياسية باسم مجلس الأمن لمواجهة كل حراك سياسي تحرري كما في ثورة الربيع العربي في العالم العربي أو في الانقلاب العسكري في تركيا أو في الانقلاب السياسي في باكستان!

الاحتواء والتوظيف الوجه المعاصر للنفاق

وأصبح التوظيف والاحتواء هو الوجه المعاصر للنفاق وإن كان بينهما سمة مشتركة

وهي التحالف مع العدو الخارجي إلا أن التوظيف أشد خطرا من النفاق التاريخي المعروف كون أدواته من جماعات وأحزاب ونخب تمارس دورها باسم الثورة والحرية والسيادة والاستقلال

والتي انطلق قطارها في القرن التاسع عشر مع البعثات العلمية والجامعات التبشيرية

ليسقط تلاميذها الخلافة العثمانية من الداخل لصالح الحملة الصليبية البريطانية الفرنسية في الحرب العالمية الأولى!

واليوم وفي ظل الثورة العربية وربيعها وتحت هذه الشعارات استطاعت الحملة الصليبية بهؤلاء المنافقين الوظيفيين احتواء الربيع العربي في كل ساحاته لصالح القوى الصليبية.

وأصبح هؤلاء المنافقون الجدد برعاية ودعم دولي غربي هم الواجهة السياسية الشعبية والمرجعية الفكرية والثقافية لأي ثورة أو حراك شعبي،

والتزموا بشروط الحملة الصليبية والمعروفة بشروط كرزون برفض الشريعة والخلافة والجهاد.

استبدال الشرعية بالشرعية الدولية

واستبدل هؤلاء المنافقون الجدد بالشريعة الشرعية الدولية وقوانينها،

وبالخلافة الديمقراطية والدولة الوطنية المدنية كنظام سياسي، وبالجهاد المقاومة وفق شروط مجلس الأمن!

ولشدة خطرهم الداخلي والخفي حذر الله تعالى في آيات كثيرة من النفاق ودوره الخطير في تحطيم الأمة من الداخل لصالح عدوها

وكما وصفهم الله تعالى ‏﴿هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾

وقال القرطبي -رحمه الله- (وفي قوله تعالى فاحذرهم وجهان أحدهما:

فاحذر أن تثق بقولهم أو تميل إلى كلامهم.

والثاني: فاحذر ممايلتهم لأعدائك وتخذيلهم لأصحابك).

وكلا الوجهين هو مما ينبغي للأمة وشعوبها الحذر منه وقد رأت بعينها كيف احتوى هؤلاء المنافقون الجدد الثورة بشعارات الديمقراطية والحرية ومالئوا القوى الصليبية وعقدوا الصفقات في عواصمها لندن وباريس وواشنطن وموسكو!

ولذا فقد أصبح المشهد لا يحتمل تعدد الولاءات

فالله -عز وجل- حصر الولاء بقوله تعالى  ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾

وأصبحت العقيدة السياسية مرتبطة بهذا الولاء الإيماني العقائدي

ومن لم يلتزم به وتولى أعداء الأمة فهو مع من تولى ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾

ولا وسطية ولا حياد بين خندق الإسلام وخندق الكفر!

من أحمد القطان

داعية كويتي