الأصل في ذلك ما صحّ عن نبينا أنه قال: «ما من أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»

وزاد الطَّبَرانيُّ بسند رجاله كلهم رجال الصحيح كما قال الحافظ الهيثمي من قول النبي: فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّسْبِيحِ، وَالتَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ”.

ويدخل في هذه العشر يوم النَّحْر ( يوم العيد) ولكن لا يجوز فيه الصيام،أو هي أيامٌ تسع بدون يوم العيد، وإنما قيل عنها (عشر) من باب أنه غلب استعماله فيها عرفاً.

– هل كان النبي يصوم التسعة من ذي الحجة.؟

اختلفت الرواية عن نبينا في ذلك:

فقد جاء عن أم المؤمنين حَفْصَة بنت عمر أن النبي كان يصوم التسعة.. ولكنه لم يصح سنداً ولا متناً..

وجاء في صحيح مسلم عن أم المؤمنين عائشة ابنة أبي بكر أنها قالت: ما رأيت رسول الله يصوم التسعة من ذي الحجة قط.. أي: أبداً..

وعليه فالنبي لم يكن يداوم على صومها جِهاراً،بل ربما صام بعضها دون البعض الآخر،كعادته في صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع..

وعلى كلٍ فالصيام من الأعمال الصالحة.

فقد جاء في صحيح مسلم عن النبي أنه قال: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا بَاعَدَ اللهُ، بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا»

والخريف هو مسافة عام..

شهر ذي الحجة فيه يوم عرفة

وشهر ذي الحجة من الأشهر الحرُم.. وفيه يوم عرفة وقد رغّب النبي بصيامه وبيّن ثواب من صامه كما في صحيح مسلم بقوله: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ…

فلنحرص في هذه الأيام على كافة الأعمال الصالحة التي يحبها الله ويرضاها مما جاء عن نبينا من قول:

سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر،

والصلاة على النبي، والاستغفار، وقراءة القرآن، وقيام الليل، والصيام، والصدقة،

وصلة الأرحام، والدعاء على الكفرة المعتدين، والابتعاد عن المعاصي قدر الإمكان..

ولا يلتفت إلى قول من قال:

 إنّ عقوبة المعاصي في هذه الأيام  تضاعف.

– هل يدخل تحت حديث محبة الله للأعمال الصالحة في هذه الأيام تفضيل الأعمال المفروضة من صلاة وقضاء صيام وما شابه؟ أم أنه مخصوص في النوافل؟

الصواب: أنه خاص بالنوافل،وما جاء الحديث إلا للحثّ عليها في هذه الأيام دون غيرها..

والأصل أنَّ الفريضة لا تعادلها نافلة من جنسها على الإطلاق، إلا برحمة وفضل من الله حينما يشاء..

ومما يؤكد هذا ما جاء في رواية الطبراني:

فأكثروا فيهنّ من التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد.

وهذه نوافل..

– ومن السّنّة أنّ مَنْ أراد أن يضحّي فليتوقف عن قص شعره أياً كان مكان الشعر، وأظافره من رجل أو امرأة.. ولا علاقة بذلك لمن كان موكّلاً بالأضحية، ولا حتى أهل بيت المُضحّي كذلك..

ويكون التوقف عن قص الشعر والأظافر من فَجْر اليوم الخميس حتى يتم ذبح الأضحية.. وبمجرد الذبح يعود المضحي إلى قص شعره وأظافره..

ولنا وقفة مفصّلة لاحقاً في منشور عن الأضحية وأحكامها.

نسأل الله تعالى في هذه الأيام المباركات أن يعيننا على ذِكْره وشكره وحسن عبادته.. وأن ينصرنا على أعدائنا في الداخل والخارج.

من محفوظ الرحمن

باحث وكاتب، بنغلاديش