كتب مولانا الشيخ علي الديناري، حفظه الله، عن رحلة بيرم التونسي الشاعر الكبير إلى بيت الله الحرام، وتوبته بعد تمرد وعصيان، ففتح شهيتي للكتابة عن بعض المشاهير الذين غيرت الرحلة المباركة مسار حياتهم، رزقنا الله وإياكم حجة مبرورة.

ومن أشهرهم الدكتور طه حسين والذي صال وجال في الطعن في القرآن، وظهر كتابه عن السعر الجاهلي والذي كفره الأزهر بسببه.

عندما ذهب للحج عام 1955 واستغرقت 19 يوماً، وكان لهذه الرحلة صدى واسع في كل مكان، وكان استقباله هناك مهيباً وعرساً لا مثيل له،

حيث كان في استقباله العاهل السعودي، الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود،

والأمراء والأعيان والوجهاء والأدباء والإعلاميون، واحتفت به المؤسسات الثقافية والهيئات العلمية جميعها.

وقد تعجب طه حسين من تلك الحفاوة الكبيرة في الاستقبال، وهذا الاستقبال الرسمي والشعبي المهيب،

فقال: «معذرة إليك يا صاحب السمو، ومعذرة إلى الذين تفضلوا فاستجابوا لهذه الدعوة من الزملاء والزائرين،

معذرة عن هؤلاء المواطنين الذين أخطأوا موضع التكريم، ووجهوه إلى غير من كان ينبغي أن يوجه إليه،

فقد أكثروا واشتطوا وأسرفوا على أنفسهم وعلى الناس..

وأقول لهم: دعوا أخاكم هذا الضعيف، وما قدم إليكم من خير قليل، واصنعوا خيراً مما صنع، وأخطر مما صنع، وأريحوه من إطالة الثناء:

لأنها تخجله وتشعره بأنه يسمع ما ليس له الحق فيه،

وأؤكد أنهم قالوا فأسرفوا علي وعلى أنفسكم، ولكن نيتهم كانت خالصة،

وقد قال نبي الإسلام (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)،

وهؤلاء قد نووا خيراً، وقالوا خيراً، فليعف صاحب السمو، فهم قد أخطأوا، فوجهوا الثناء إلى غير مذهبه، وقالوا المديح في غير أهله،

وليذكروا أنهم هنا في هذه البلاد يمثلون وطنهم،

وأن يقدروا أن إخلاصهم في حب هذا الوطن وجهدهم في خدمته،

وفناءهم في ترقيته والمشاركة فيه مخلصين،

إنما هو إخلاص لله قبل كل شيء، فهي أرض الله، فيها أشرق نور الله، ومنها انبعث هذا النور،

فهدى أوطاننا جميعاً إلى الحق وسلك بها سبيل الخير».

يتبع

من د. إبراهيم عوض

أديب عربي ومفكِّر إسلامي مصري