الأجواء المحيطة بالحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال إفطار الاسرة المصرية في رمضان الماضي لا تؤشر لأي لنجاحه أو قدرته علي مساعدة البلاد  لتجاوز  أزماتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات وتصاعدت بفعل ازمتي كورونا والحرب المشتعلة في اوكرانيا انطلاقا من محددات أساسية تعرقل امكانية تحقيق هذا الحوار لأي انفراجه تساعد في تجاوز البلاد أزمتها المستحكمة

‏ أول المحددات المعرقلة لإمكانية نجاح هذا الحوار تتمثل في البون الشاسع بين مواقف السلطة من جانب  وما يمكن أن نسميها المعارضة المتمثلة في القوي المدنية الديمقراطية من جانب أخر التي طرحت عديدا من المطالب لضمان نجاح هذا الحوار في تحقيق الحد الأدنى من النجاحات والتي تمثلت في اختيار امين  عام للحوا عبر شخصية  وطنية تحظي بقدر عال من التوافق الوطني.

ضوابط المعارضة لنجاح الحوار  

حيث رشحت  قوي المعارضة الدكتور محمد غنيم عالم الكلي المعروف والذي يقف علي مسافة بين جميع ألوان الطيف السياسي المصري  فضلا عن وجود توافق علي أعضاء الأمانة العامة وآلية التصويت علي القرارات التي يتم التوافق عليها علي الصعيدين السياسي والاقتصادي مع ضرورة حضور رؤساء اللجان البرلمانية لضمان ترجمة قرارات الحوار الوطني الي قوانين برلمانية تسهم في إنهاء حالة الاحتقان الحالية في المشهد المصري بشكل عام.

‏: لكن النهج الرسمي في التعامل مع مطالب القوي المعارضة لا يؤشر لأي نجاح لهذا الحوار فالسلطة لن تقبل باي حال من الأحوال تعامل المعارضة معها باي شكل من أشكال الندية وهو ما ظهر جليا في اختيار  ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات الحكومية والتابعة لرئاسة الجمهورية منسقا عاما للحوار يؤكد عدم جدية السلطة في وجود حوار جدي مع المعارضة يفضي الي حلول تساهم في خروج البلاد من أزمتها فوجود رشوان الذي بتبني جميع وجهات نظر السلطة يؤكد أن الحوار لا يتجاوز كونه مجرد رسالة للخارج الانفتاح النظام علي المعارضة دون وجود توجه جاد البحث عن تسوية للازمة.

الحوار الوطني في مصر

‏الخلافات بين السلطة والقوي المعنية بالحوار الوطني لا تتوقف عند هذا الحد بل وامتدت الي مطالب جادة للقوة المدنية تتمثل في رغبة المعارضة في إقرار الحوار  لقرارات فيما يتعلق بقانون مباشرة الحقوق السياسية والإجراءات الجنائية والحبس الاحتياطي فضلا عن توقف الدولة عن الاستدانة بشكل يهدد سيادة الوطن وإقرار استراتيجية وطنية تحظي بالتوافق تضمن تجاوز الأزمة الاقتصادية البلاد عبر سياسات تنموية حقيقية وليس الرهان علي بيع أصول الدولة لسداد هذه الديون

‏: المعارض المصري البارز ورئيس حزب الكرامة أحمد طنطاوي  بدا متشائما حيال نجاح الحوار الوطني ومن قبله انعقاده ومشاركة القوي المدنية الديمقراطية فيه من الأساسي حيث عتبر ان اختيار ضياء رشوان منسقا عاما للحوار  لا يقدم مؤشرا جيدا لمصير هذا الحوار فضلا عن السياسات التي أعلنها رئيس الوزراء مصطفي مدبولي لا تؤشر لإمكانية وجود توافق وطني حول السياسات الاقتصادية وتؤكد أن الحوار حال عقده لا يتجاوز كونه محادثات غير جادة بين السلطة والمعارضة لن تفضي الي شيء بل تكرس عمق ازمة الوطن وصعوبة تجاوزه لهذا المأزق في ظل العقلية التي تتعامل بها السلطة مع الحوار  .

السيسي وبايدن
السيسي وبايدن

‏وفي هذا السياق رأي مراقبون ان مطالب القوي المدنية الديمقراطية لن تحظي بقبول من الجانب الحكومي كونها تمس أسس هيمنة النظام علي المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني فهذه الحزمة من المطالب تضرب أسس استقرار النظام وانفراده بالمشهد كما انها تقدم هذه القوي كند للسلطة هو امر لن تقبله الأخيرة جملة وتفصيلا .

الحوار وتحسين صورة النظام في الخارج

فالأمر من وجهة نظر المراقبين لا يتجاوز كونه رغبة في تحسين صورة النظام امام ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن ويضمن ان يحظى السيسي بمقابلته خلال جولته المرتقبة في المنطقة وضمان مشاركته في قمة المناخ المقرر عقدها في القاهرة بشكل يفوق رغبة النظام في الاصلاح

وكذلك يري البعض أن من اهم عوامل فشل الجوار كذلك استبعاد القوي الاسلامية بشكل عام من الحوار بما فيها القوي التي رحبت بالحوار وطالبت بتوفير الأجواء لإنجاحه بشكل عام لإخراج البلاد من أزمتها من بينها أحزاب رسمية حيث وجهت وسائل  اعلام موالية للسلطة انتقادات شرسة لبعض القوي المرحبة وفي مقدمتها الجماعة الإسلامية المصرية  ونكأت في ماضيها معتبرة أن سجلها في المواجهة المسلحة في ثمانينات القرن الماضي لا يجعلها معنية بالحوار بشكل يؤكد أن القوي  تريد اقتصار الحوار علي قوي بعينها بشكل يؤكد أن اخراج البلاد من أزمتها لا يشكل اولوية السلطة باي شكل من الأشكال

بدوره انتقد الشيخ عبود الزمر القيادي الإسلامي البارز محاولة بعض الإعلاميين خصخصة الحوار الوطني وقصره علي عدة قوي رغم ان الدعوة للحوار من قبل الرئاسة لم تستسن أحدا قائلا علي توتير : بعد الدعوة الرئاسية للحوار والتى لم تستثن أحدا مادام “لايتقاطع،لايستهدف، لايفرض رأيه”

وهنا والكلام مازال للزمر فخرجت علينا برامج “أديب،موسى،الديهى فعكرت المشهد، واستبعدت قوى لا معنى للحوار بدونهم

.”

 

 

 

من د. أنور الخضري

مدير مركز الجزيرة للدراسات العربية بصنعاء - اليمن