تكثف القوات الروسية قصفها في مدن شرق أوكرانيا بالمدفعية البعيدة لتقليل خسائرها والاستفادة من تلك القوة التي تمتلكها قوات الكرملين.

 

وأمطر الجيش الروسي النار على طول الجبهة الشرقية باستخدام المدفعية الثقيلة، حيث تركز موسكو قوتها العسكرية وتسبب خسائر فادحة في صفوف القوات الأوكرانية، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست”.

 

وقالت الصحيفة الأمريكية إن كثير من جنود الجيش الأوكراني في مرحلة من الإحباط عقب 100 يوم من غزو موسكو لكييف، حيث يختبئون في الخنادق للاحتماء من المدفعية وحشية المدفعية الروسية التي تعيد ذكريات الحرب العالمية الأولى.

 

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، هذا الأسبوع إن القوات الروسية تقتل ما يصل إلى 100 جندي أوكراني كل يوم وتجرح ما يصل إلى 500 آخرين على الجبهة الشرقية. وبهذا المعدل، ستخسر أوكرانيا في حوالي شهرين ونصف، جنود بمعدل القوات التي خسرتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان على مدى 20 عامًا.

 

في الأيام الأخيرة، تراجعت الأراضي الأوكرانية بشكل تدريجي إلى القوات الروسية التي تسيطر الآن على 20 بالمئة من البلاد، وفقا لزيلينسكي.

 

بعد أن فشله في محاولته الأولى للسيطرة على كييف والإطاحة بالحكومة الأوكرانية، أعاد الجيش الروسي تجميع صفوفه في المرحلة الثانية من الحرب.

 

وأعادت موسكو توجيه كل ما تبقى من مدفعيتها إلى منطقة واحدة، إذ يأمل الكرملين في تحقيق هدفه المعلن الجديد المتمثل في الاستيلاء على جميع مناطق لوهانسك ودونيتسك الشرقية في أوكرانيا والتي تشكل منطقة دونباس.

 

وقال مايكل كوفمان، مدير الدراسات الروسية في معهد أبحاث “سي أن إيه” في أرلينغتون بولاية فيرجينيا، “في بعض النواحي، هي حرب واحدة ولكنها حملتان مختلفان”.

 

يشرح قائلا: “الأولى تتمثل فيما إذا كانت أوكرانيا ستبقى دولة مستقلة أم لا وهنا روسيا خسرت هذا الأمر بشكل حاسم. أما الثانية تتعلق بالأرض التي ستسيطر عليها الدولة الأوكرانية المستقلة في نهاية المطاف وهذا لا يزال محل صراع كبير”.

 

وعززت زلات روسيا الكارثية والتراجع المحرج في المرحلة الأولى من الغزو معنويات أوكرانيا وعزمها على طرد الاحتلال. لكن وابل نيران المدفعية الروسية المركزة جعلت المرحلة الثانية أكثر صعوبة بكثير للأوكرانيين.

 

وشهدت الحرب عددًا قليلاً نسبيًا من اشتباكات المشاة المباشرة أو معارك الدبابات بالدبابات. بدلا من ذلك، تركز روسيا قوتها المدفعية الساحقة على مناطق صغيرة نسبيًا لشق طريقها إلى الأمام في طريق الدمار الهائل.

 

قال مدير مشروع التهديدات الحرجة في معهد “أمريكان إنتربرايز”، فريدريك كاجان، “لقد تبنوا هذه الطريقة وهي إحدى تكتيكات الحرب العالمية الأولى بشكل أساسي، بحيث تستخدم فيها المدفعية لمحو كل شيء أمامهم ثم الزحف فوق الأنقاض”.

 

ولفت إلى أن مواجهة مثل هذا القصف المدفعي أمر مخيف ومدمّر للجنود الأوكرانيين.

 

وعزا كاجان أسباب لجوء موسكو للمدفعية لأن القوات الروسية تعرضت للدمار بسبب الخسائر وخيبة الأمل من المرحلة الأولى من الحرب وأظهرت عدم قدرتها على القتال بنجاح بطريقة أخرى.

 

وقال كاجان إن الخسائر التي تكبدتها القوات الأوكرانية مروعة، لكنها لن تجبر بالضرورة كييف على الاستسلام أو “خسارة” الحرب الأوسع.

 

وأشار إلى أنه، حتى لو سيطرت روسيا على كل منطقة دونباس، وهو الأمر الذي سيكون صعبًا بسبب دفاعات أوكرانيا، فلا يزال لدى الأوكرانيين قوات يمكنها شن هجوم مضاد واستعادة الأراضي في مكان آخر.

الأمة ووكالات