الأمة| شددت دول عديدة بمنظمة العمل الدولية، على ضرورة إرسال بعثة إلى الصين للتحقيق في الجرائم التي تُرتكب بحق الأقلية المسلمة في تركستان الشرقية المُحتلة من قبل السلطات والمعروفة باسم “إقليم “شينجيانغ”، أقصى شرق البلاد.

وخلال الاجتماع السنوي لأعضاء منظمة العمل الدولية، اليوم الخميس في جنيف، أعرب ممثلي الحكومات والنقابات وأصحاب العمل، عن قلقهم إزاء هذه الاتهامات التي ترفضها الصين.

وتنفي الصين، ما يتردد عن اضطهاد الأيغور والأقليات الإثنية الأخرى في الإقليم، وتزعم أن سياستها هناك قضت على “الإرهاب”، وأعادت إحياء الاقتصاد المحلي.

انتهاكات خطيرة للغاية

وفي اجتماع لجنة تقييم تطبيق الصين لمعايير العمل الدولية، وصف ممثل العمال، “مارك ليمانز”، العمل القسري الذي ترعاه السلطات والذي يستهدف مجموعة سكانية بأكملها بسبب عرقها ودينها بالخطير للغاية.

فيما طالبت السفيرة الأمريكية، “شيبا كروكر، خلال النقاشات بكين إلى وضع حد فوري لسياساتها التمييزية والانتهاكات التي تستهدف الأقليات.

وشددت ممثلة أمريكا ودبلوماسيين آخرين، على ضرورة أن تسمح الصين بإرسال بعثة ثلاثية إلى الإقليم -تركستان الشرقية-، تتألف من ممثلين للحكومات والعمال وأصحاب العمل والتأكيد على ضمان وصولها بشكل مجد وبدون عوائق أو رقابة.

يذكر أن اللجنة، لن تتخذ قرارا بشأن إمكان تقديم توصية بزياة البعثة قبل الأسبوع المقبل، وحال أبصرت النور سيظل القرار النهائي في حاجة إلى مصادقة منظمة العمل الدولية، وفقًا لوكالة “فرانس برس”.

قلق وتعسف

ومؤخرًا، زارت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشليه، تركستان الشرقية وحثت خلالها الصين على ضمان عدم تطبيق الإجراءات المتخذة في إطار حملتها -المذعومة- لمكافحة “الإرهاب” في هذه المنطقة بشكل تعسفي وعشوائي.

وفي فبراير الماضي، أعربت منظمة العمل الدولية، عن قلقها البالغ بشأن معاملة الأقليات الإتنية والدينية في الصين ولا سيما في “شينجيانغ”، وطالبت السلطات بتغيير أساليبها القمعية هناك.

فيما قالت منظمات حقوقية، إن ما لا يقل عن مليون من الأويغور وإتنيات مسلمة أخرى مسجونون أو محتجزون في معسكرات السلطات الصينية.

احتلال تركستان الشرقية

وسيطرت الصين بقيادة الحزب الشيوعي على إقليم تركستان الشرقية منذ 1949، بعد إسقاط جمهورية تركستان الشرقية باتفاقياتها مع الاتحاد السوفياتي، وهو موطن مسمى، أتراك الأويغور التركية المسلمة، وتطلق عليه اسم “شينجيانغ”، أي “الحدود الجديدة”.

وترتكب السلطات الصينية، أبشع الجرائم الإنسانية بحق المسلمين في البلاد، وسط مرأى ومسمع العالم أجمع، إذ تُشير إحصاءات رسمية إلى وجود 30 مليون مسلم داخل الصين، 23 مليونا منهم من الأويغور.

“بينغ” واضطهاد المسلمين

وعقب صعود الرئيس الصيني الحالي شي بينغ، إلى سدة الحكم في مارس 2013، أعلنت السلطات سياسات عديدة نحو تركستان الشرقية، من أهمها “تصيين الإسلام” أو صيننة الإسلام، بصياغة الأصول الأساسية للإسلام وفق المبادئ الشيوعية الصينية.

وبدأت السلطات بإجراءاتها بأشد القسوة منذ 2014؛ فنتيجة لذلك بدأت بتأسيس إنشاء “معسكرات الاعتقال للتأهيل السياسي”، لغسل أدمغة ملايين المسلمين، بالإضافة إلى نزع الأطفال من أسرهم إلى معسكرات الأطفال لتربيتهم على الشيوعية والإلحاد.

وبحسب الباحث في حقوق الإنسان والعلاقات العربية الصينية، محمدأمين الأويغور، لجريدة “الأمة”، في حوار سابق، فإن الأزمة تتعلق بالهوية الإسلامية للمنطقة، إذ أن هناك تصريحات عديدة من المسؤوليين الصينيين بـ”أن تغير المنطقة إلى صينية قلبا وقالبا”، يقصد بها تغيير الديموغرافيا السكانية باستيطان الصينيين، وتحويل الإسلام إلى الشيوعية ومحوها من الجزور.

ورأى “الأويغور”، أن هذه المظالم والجرائم لن تنتهي حتى يفيق العالم العربي والإسلامي من سكرهما بالوعود الصينية، وأن يقوما بواجبهما، كشعوب وحكومات؛ لأن الصين تأخذ مشروعية هذه الجرائم الوحشية من مواقف العالم الإسلامي والعربي، وتبرر نفسها في المحافل الدولية بهذه المواقف المخجلة.

من د. عبد اللطيف السيد

دكتور أصول الحديث