رحلة الروح في شهر المكرمات ، تسبح في فضاء فضائلها بقدر تحرير النفس من قيد شهواتها،  ولكثرة انتشار محرمات الشهوات ويسرها في عصرنا، من مسموعات ومرئيات ومحادثات وملهيات؛

فلا أحسن للنفس ولا أحصن لها من استثمار صومها عن الحلال في الأيام المعدودات؛ للتعود بقية العام على الامتناع عن سائر المحرمات. 

وهذا من معاني قول الله تعالى: {كُتِبَ عليكم الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

البقرة[١٨٣]..

أي تتقون المعاصي، كما قال بعض المفسرين.

وإذا  كان هذا من أسرار الصيام ؛ فإن ما يزيد على ذلك هو زيادة الإيمان في قلب الإنسان

بتقديم رضى الرب عما تشتهيه النفس ويزينه الشيطان، 

وهذا ما عناه الإمام ابن رجب الحنبلي عندما قال :

«الصيام مجرد ترك حظوظ النفس الأصلية التي جبلت عليها لله عز وجل..

فإن اشتد توقان النفس إلى ما تشتهيه مع قدرتها عليه؛ كان ذلك دليلا على صحة الإيمان» (وظائف رمضان ص١٧)..

وتقترن زيادة الإيمان بالوقاية من النيران عندما يهجر الصالحون من الناس ما حرم الله من شهوات الحرام في الأسماع والأبصار وسائر الحواس،

كما جاء في حديث البخاري: (الصوم جنة) بضم الجيم، يعني وقاية من النار، وفي فتح الباري شرح صحيح البخاري:

 «إنما كان الصوم جنة من النار؛ لأنه إمساك عن الشهوات،

والنار محفوفة بالشهوات، فالحاصل أنه إذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساترا له من النار في الآخرة».

وشهوات الحرام المحظورة في كل زمان ومكان؛

يتضاعف أجر تركها في شهر الصيام، فالامتناع عنها أولى بعلو الدرجات مما للصوم عن بعض الطيبات.

وقد ثبت في الحديث القدسي: (الصوم لي وأنا أجزي به) رواه مسلم (١١٥١)

والعلة في ذلك ماجاء في الحديث الآخر عن كل صائم صادق: 

(إنه يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي) رواه البخاري برقم (١٨٩٤)..

فاللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، واجعل عملنا في رضاك، واغننا اللهم بفضلك عمن سواك..

من عامر عبد المنعم

كاتب صحفي مصري