في تقريرها السنوي حول التطورات الحقوقية في 154 دولة، تقدم منظمة العفو الدولية (أمنستي)، رصدًا شاملًا لأهم الاتجاهات في وضع حقوق الإنسان حول العالم.

وخلصت المنظمة في تقريرها السنوي لعام 2021 إلى أن كثيرًا من الحكومات استغلت جائحة كورونا كذريعة لقمع المعارضين وتقييد أنشطة المجتمع المدني،

كما تم توظيف التكنولوجيا والتقنيات الحديثة لانتهاك حقوق الإنسان؛ لكن المنظمة رأت أن هناك بصيص أمل في نهاية النفق.

وعود لم تتحقق

أفاد التقرير الذي أعدته (أمنستي) أنه  في عام 2021 كان هناك أمل للناس في جميع أنحاء العالم “للخروج من الوباء بشكل عادل”.

لكن بحسب التقرير السنوي، فإن الدول الأكثر ثراءً على وجه الخصوص منعت تصنيع وتوزيع اللقاحات على نطاق واسع.

وأوضح التقرير أن

«أقل من 8% من سكان إفريقيا البالغ عددهم 1.2 مليار شخص هم من تم تطعيمهم بالكامل حتى نهاية العام،

وهو أقل معدل في العالم، وبعيدًا عن هدف منظمة الصحة العالمية المتمثل في تطعيم 40% من السكان».

بيد أن غياب اللقاح لم يكن الشيء الوحيد الذي ترك خيبة أمل في عام 2021، إذ تظهر الدراسة أن العديد من الحكومات استخدمت الوباء لقمع المعارضين وتقييد المجتمع المدني.

فبعض الحكومات استخدمت الوباء عمدًا كذريعة لتقييد حرية التعبير.

ومن الأمثلة على البلدان التي قمعت فيها الاحتجاجات وتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان فيها للخطر،

جاء ذكر كمبوديا وروسيا والصين والعديد من البلدان الأخرى.

وبعيدًا عن كورونا أيضا تعرض المجتمع المدني حسب منظمة العفو الدولية للضغط،

وهو ما تؤكده أيضا منظمات دولية أخرى على غرار منظمة «خبز للعالم» المسيحية غير الحكومية.

التقنية الرقمية سيف ذو حدين

إحدى الطرق التي تستخدمها الجهات الحكومية وغير الحكومية

والتي جاءت في التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية وأكدتها منظمة «الخبز للعالم» وهي منظمة حقوقية مسيحية،

هو الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا. 

ويصف فيليب لوثر، المسؤول عن شمال إفريقيا والشرق الأوسط في المنظمة هذا التطور بأنه «سيف ذو حدين»

ويقول بهذا الخصوص:

«من الواضح أن السلطات تستخدم التكنولوجيا الرقمية في نواحي إيجابية عدة،

ولكن الطريقة التي تستخدمها فيما يخص التأثيرات على حقوق الإنسان غالبًا ما تكون سلبية وتنفذ بشكل سري».

وأضاف لوثر

«في الكثير من الحالات تحاول الحكومات أيضا تعطيل أو التشويش على الأجهزة التي تسمح لمكونات المجتمع المدني بتبادل المعلومات فيما بينهم ونشرها بشكل أفضل».

ويستشهد التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية على ذلك بالعديد من الأمثلة منها:

أطول إغلاق للإنترنت عرفته منظمة العفو الدولية على الإطلاق

والذي امتد من 4 أغسطس 2019 إلى 5 فبراير 2021 في جامو وكشمير شمال الهند

وأيضا استخدام تقنية التعرف على الوجه في الاحتجاجات في موسكو والتي سهلت عملية الاعتقالات.

بالإضافة إلى الاستخدام المفرط لبرنامج التجسس بيغاسوس ضد الصحفيين والمعارضين ونشطاء حقوق الإنسان.

وذكر لوثر بالقول

«شاهدنا كيف أن السلطات تقوم في وقت محدد وبطريقة تكتيكية بوقف الإنترنت لمنع الناس من تبادل معلومات عن احتجاجات محتملة

أو لتنظيم أنفسهم للاحتجاج على القمع في البلاد. فالأمر ليس صدفة وإنما الهدف منه تكميم أفواه المجتمع المدني».

الأمل

بعد عام 2021 الذي تميز بالوباء، وتعرض فيه المجتمع المدني للضغوطات

وأساءت فيه الأجهزة الحكومية استخدام سلطتها عبر الإنترنت أو غيره، يقدم التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية بصيص أمل،

إذ جاء في مقدمة التقرير التي  كتبتها الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامارد:

«إذا كان أصحاب السلطة قد افتقروا في عام 2021 إلى الطموح والخيال الواسع لمحاربة أعظم أعداء للبشرية،

فإن هذا الأمر لا ينطبق على الناس الذين كان ينبغي عليهم تمثيلهم».

ووفقا لذلك فقد خرج في عام 2021 الناس في 80 بلدا للشوارع للتظاهر من أجل حقوقهم، في روسيا والهند وكولومبيا والسودان ولبنان،

وهم يعلمون أن التزامهم هذا يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى.